تضاربت العديد من الأقوال عبر السنوات القليلة الماضية حول انتشار قضايا الخلع، التي تمنح المرأة حق المطالبة بفسخ عقد الزواج، فصارت الكلمة على كل لسان، رغم أن هذا الحق كان موجوداً ومكفولاً عبر القرون، فكانت تلجأ الزوجة إلى القاضي مسلحة بأدلة قاطعة باستحالة استمرارها في العيش مع زوجها فتنال حكماً بالطلاق. وتشير الإحصائيات إلى أن من بين ثلاث حالات زواج، تحدث حالتا طلاق، وأكد علماء الاجتماع والقانون أنه لا توجد إحصائيات خاصة بقضايا الخلع على مستوى المملكة، بل يندرج تحت اسم الطلاق، ومهما تختلف الأسماء فإنه من المؤكد أن الطلاق والخلع يحدثان زلزالاً في حياة الأسرة والمجتمع، بيد أن الخلع يترك آثاراً نفسية سيئة في نفوس الأبناء. وبالرغم أن الخلع حق أقره الشرع للمرأة، إلا أن بعض الأزواج للأسف يستغلون ذلك، ويخلعون رداء الرجولة، فيبتزون المرأة ويهددونها، حتى تستسلم وتدفع له ثمن إنقاذها من جحيمه، وعلى الطرف الآخر فهناك سيدات يطلبن الخلع لأسباب تافهة وسخيفة. وترددت أقاويل عن قيام زوجة برفع دعوى خلع لزوجها، بحجة أنه رفض شراء صحن فول لها في السحور، معتبرة ذلك إهانة لها، وأنها لا تساوي عنده خمسة ريالات ثمن صحن الفول، وأخرى طلبت الانفصال من زوجها بسبب إنجابها الإناث ورغبتها في إنجاب الذكور. ولم يكن الخلع بعيداً عن العنف والجريمة فقد توفي مواطن منذ أسابيع متأثراً برصاصة أطلقها عليه طليق ابنته، بعدما خلعها منه القاضي، حيث تقدمت الابنة بطلب طلاق لمحكمة البكيرية بسبب سلوك زوجها غير السوي، وبعد جلسات عدة أقرَّ القاضي بخلعها منه. وما إنْ خرجت الابنة بصحبة أبيها فرحة بالقرار الذي كانت تنتظره منذ زمن حتى فوجئت بطليقها البالغ من العمر (26 عاماً) يُخرج مسدساً، ويطلق باتجاههما الرصاص؛ فأصاب الابنة في يدها، فيما استقرت رصاصة في رأس والدها، وتركهما يسبحان في بركة من الدماء. وبعض الرجال قد يستغلون موضوع الخلع بطريقة خاطئة تتنافى مع الشرع والدين، فيقومون بإذلال زوجاتهم حتى يطلبن الخلع منهم ويهربون من التزاماتهم المالية تجاهن، وحتى لا يترتب عليهم أية التزامات أخرى إذا ما قاموا بتطليقهن لذلك يقومون بدفعهم إلى طلب الخلع، فبعض النساء في المملكة يتعرضن لظروف صعبة عندما يطلبن الخلع، حيث إن الشروط مجحفة جداً تلك التي يفرضها الزوج للموافقة على الخلع. وذكرت إحدى السيدات السعوديات التي تبلغ من العمر ثلاثين عاماً، وهي أم لثلاثة أطفال، المصاعب التي واجهتها بسبب طلب الخلع، وأشارت إلى أن قضيتها طرحت في المحكمة منذ ثلاثة أشهر دون التوصل إلى حل، لأن زوجها طلب مبلغاً كبيراً قيمته خمسون ألف ريال للموافقة على الخلع، وهي تقول إن المبلغ الذي تلقته منه كمهر لها هو ثلاثون ألف ريال فقط، وبالرغم من أن إخوتها عرضوا عليها المساعدة المادية إلا أنها رفضت لأن ظروفهم المادية لا تسمح بذلك. لذا يجب أن يخضع قانون الخلع لقيود معينة للحد من عبثية استخدامه سواء من الرجل أو المرأة، وأن تشترط أسباب محددة بعيدة عن السطحية والتفاهة لرفع قضايا الخلع، وأن تكون هذه الأسباب جدية ومنطقية، كما يجب أن يلتزم الرجال بالقيم الدينية والاجتماعية التي تمنعهم من إجبار زوجاتهم على الخلع.