قد تجتهد بعملٍ ما؛ معتقدًا أنّكَ سَتُريحُ بهِ غيرَك، فتكون مشاعرك ممتزجة ما بينَ السّعادة والترقّب؛ فأنت سعيدٌ بعملكَ؛ مُترقبٌ لِردة الفعل مِمّنْ حولك، تعمل بصمتٍ وخفاء وجلّ همّك هو أن ترى الراحة والسعادة عليهم، وما أن يحينَ ميعاد ولادةِ ذاك العمل؛ وملامح الفرح قد بانت على مُحياكَ؛ تجدُ مَن يقولُ لك بكلّ بساطة (لِمَ فعلتَ كذا؟ من ذا الذي قد طلبه منك؟)، هنا فقط لا تستطيع النطق بكلمة؛ أنتَ واثقٌ بعملك؛ لكنك صعقت من ردة الفعل المُحبّطة، بادرت لأجلِ راحتِهِ ويقابلك بكلّ برودٍ بِردٍّ أقلّ ما يقال عنه أنّه بشع! نيّتك سامية توّد إسعاده؛ لكنه بردّهِ لم يسعدك؛ فتبتعد شيئًا فشيئًا عن هذه الصفة وتوَد الانتقام من كلّ شخصٍ قال لكَ (بادر). لكن تأمَّل جمالَ معاني هذا الحديث الشريف: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة..." فتجد في ظلّ الرحمةِ الربّانيّة أنّك مأجورٌ على عملك الذي قصدتَ بهِ خيرًا حتى ولو لم يكُن لكَ منه إلا النيّة، فلا تحزن من ردود فعلِ الآخرين، ومن هُنا نقول: حيّ على المبادرة؛ ولو بالقليلِ.