المتأمل لواقع منطقة الباحة وما تعيشه من نهضة تنموية في مختلف المجالات يدرك أنها مؤهلة لسياحة مستدامة طوال العام بدلاً من السياحة الموسمية ( الصيفية ) وذلك لاعتبارات عدة يأتي في مقدمتها : التنوع البيئي بحكم الموقع الجغرافي والوضع الطبوغرافي الذي أوجد فيها أقاليم مختلفة ومناخ متباين .فهناك قطاع السّراة الذي يحتضن عدداً كبيراً من المدن والقرى تتناثر كحبات اللؤلؤ تتساقط عليه الأمطار صيفاً وشتاء , إذ يقصده الكثيرون من السياح في فترة الصيف لما يتميز به هذا الأقليم من طبيعة ساحرة وأجواء جميلة .. في الوقت الذي ترتفع فيه درجات الحرارة على معظم مدن المملكة , بينما تعتدل في مدن المنطقة التي تتسنم ذرا جبال السروات , مما يكسبها خاصية الأجواء الصحية لانعدام الملوثات , ويجعلها صالحة للاستشفاء والنقاهة . وقد تكون الفرص متاحة جداً للاستثمار الصحي بإقامة المصحات الطبية والعلاجية لهذا الغرض .. إلى جانب السياحة البيئية والجبلية . وحقيقة الأمر أن الإقبال عليها متزايد بشكل كبير عاماً بعد عام . حيث تصل درجة الإشغال في الفنادق والوحدات السكنية المفروشة إلى نسبة 100% معظم أيام الصيف وفقاً للإحصائيات التي تقوم بها بعض الجهات .. مما يستحث القادرين على إقامة مشروعات الإيواء بمختلف الدرجات . وهي مشجعة لمحبي الأجواء الباردة أيضاً , حيث يجدون بغيتهم في فصل الشتاء للاستمتاع بالأمطار والضباب والهدوء . والجميل أنها بدأت تستقطب أعداداً من الزوار في فصل الشتاء ارتفعت معها نسبة الإشغال في الفنادق سنوياً لذات السبب . ولعل قربها من المدن الرئيسية جدة ومكة المكرمة والطائف وبعض المدن الأخرى مثل القنفذة وبيشة حفّز الكثيرين من سكانها للوصول إليها في الإجازات حتى في نهاية الأسبوع , لا سيما وأن المسافة بينها ليست بعيدة والطرق الموصلة إليها جيدة والخدمات متكاملة ولله الحمد . ولا شك أن أهم مزايا المنطقة هو تقارب محافظاتها رغم اختلاف الأجواء وتنوع الأقاليم . فهناك المحافظات الواقعة في القطاع التهامي تنعم بمناخ معتدل في فصل الشتاء الذي تنخفض فيه درجات الحرارة في قطاع السراة ,, وهي بالطبع تستقبل أعداداً من المشتين جلّهم من داخل المنطقة ممن يبحثون عن الدفء وحسن الطبيعة في تلك السهول الجميلة . كما أن قربها من البحر أكسبها عدة مزايا ترفع رصيدها أمام عشاق السياحة البحرية . وهناك الجزء الشرقي من الباحة حيث الأراضي المنبسطة والرمال الناعمة والنباتات والزهور البرية التي يفوح شذاها في فصل الربيع تشد إليها محبي السياحة فى البادية للاستئناس بالطبيعة الخلابة والأجواء الحالمة . والباحة بهذه الخصائص النادرة والمزايا الفريدة تستحق الوصول إليها وزيارتها والاستمتاع بمناظرها الفاتنة وأجوائها الممتعة , وتصفح تاريخها والاطلاع على ماضيها المجيد من خلال تراثها الخالد وآثارها العريقة التي تتوزع بين جنباتها تكشف جانباً من حضارة الأقدمين من سكانها . وبهذا نقول بأن أسعد الناس من يفدون إلى الباحة يصيّفون في السراة ويشتّون في تهامة ويربّعون في البادية !! فهذه هي منطقة الباحة سياحة مستدامة طوال العام ..