في الساعات الأولى بعد قبول فلسطين كدولة مراقب غير عضو في الجمعية العام للأمم المتحدة في 29 نوفمبر من العام الماضي أصدرت الحكومة الاحتلالية الإسرائيلية المصغرة في 30 نوفمبر قراراً يقضي بدفع الإجراءات التخطيطية الاستيطانية الخاصة بآلاف الشقق السكنية في مستوطنة " معالية أدوميم " في المنطقة التي تربط المستوطنة المذكورة بمدينة القدس.إن قوات الإحتلال الإسرائيلي لم تنفك لحظة عن تصويب خطهها وبرامجها الاحتلالية الاستيطانية التهويدية ضد عاصمتنا الأبدية القدس وكافة مقدساتنا وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، وتقوم أيضاً وبصورة مستمرة بفرض المزيد من القيود على حركة السكان وإغلاق المدينةالمحتلة أمام المواطنين ومنعهم من ممارسة الصلاة في المسجد الأقصى المبارك بمنع دخولهم حتى لمحيطه وتضييق الخناق والحصار على من هم حوله من السكان، وتحديد أعمار الأشخاص المسموح لهم بالدخول، وتزداد وتيرة ذلك متزامنة مع مطلع شهر رمضان من كل عام.القدس محاصرة ومعزولة تماما عن محيطها والحواجز تخنقها وجدار الفصل العنصري التدميري يخنقها ويدمر نسيج العلاقات الاجتماعية بين سكان القدس وضواحيها والعائلات مقسمة بين جهتي الجدار.وتتواصل عمليات الهدم وتدمير الممتلكات لسكان القدس وضواحيها، وتهدف السياسة الاحتلالية القديمة الجديدة لتهويد القدس وتشريد ساكنيها وتفريغها من خلال إجراءات تطهيرية بهدف إجبار المقدسيين لإخلاء المنازل ولقد سجل عام 2012 م تزايد هذا بصورة ملحوظة وخطيرة، حيث تم هدم 68 منزلاً في المدينة وإجبار السكان على هدم منازلهم بأنفسهم، ويضطر السكان للهدم تلافياً للغرامات بحجة البناء دون ترخيص والتكاليف الباهظة التي سيتكبلونها في حال أقدمت سلطات الاحتلال على عملية الهدم . ومن جهة أخرى مازالت الانهيارات مستمرة مع تواصل الحفريات التي تقوم بها إسرائيل بالقرب من المسجد الأقصى مهددة باقتراب موعد انهياره الكلي.فقد وقع قبل أيام انهيار أرضي بالقرب من عين سلوان التاريخية (العين الفوقا) على بعد نحو مائتي متر فقط من الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك، وهذا الانهيار ناتج من تواصل الحفر في المنطقة تحت إشراف سلطات الاحتلال وجمعية إلعاد الاستيطانية التي استولت على هذه المنطقة ولم تبقى فيها سوى بعض من منازل الفلسطينيين ومدرسة سلوان الأساسية، وتشرف على ذلك الجمعيات الاستيطانية التي تحظى بدعم ومساندة حكومة الاحتلال وأذرعها وخاصة البلدية العبرية. وكما لا يسلم الحجر فإن الشجر لا يسلم من بطش الاحتلال فلقد صادر ما يزيد عن 5500 دونم في عام 2012 ويقوم المستوطنون بضم الكثير منها إلى المستوطنات التي تحيط بالقدس، وقد تم أيضاً في نفس العام اقتلاع أكثر من 500 شجرة مثمرة ومعمرة وذلك لتدمير الاقتصاد الفلسطيني الزراعي بهدف إجبار السكان على الرحيل والاعتماد الكلي على المستوطنات، وفي نفس الوقت لا يسلم الإنسان الفلسطيني من بطش المحتل فالاعتقالات مستمرة وتسجل هذه الأيام عملية اعتقال هي الأكثر عنفاً وحدة ضد المواطنين المقدسيين منذ بداية العام، حيث طالت 40 مقدسياً خلال أسبوعين، وتقوم بالتنكيل بهم والضرب بالهراوات وجر المواطنين والأطفال المقيدين بالأصفاد، واستخدام خراطيم المياه وقنابل الصوت والرصاص المطاطي والضربات الكهربائية .لا شرعية للاحتلال وبالتالي لا شرعية لأي من إجراءاته في مدينة القدسالمحتلة وضواحيها كونها جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة . وهنا علينا أن نوضح الصورة أكثر فيما تعنيه من إجراءات تهويد مدينة القدس، فالتهويد يشمل الأماكن المقدسة من جهة، ومن جهة أخرى يشمل الأبعاد الاجتماعية والديمغرافية، ولقد بدأت إجراءات قوات الاحتلال لتهويد مدينة القدس العربية بالإعلان عن ضمها للأراضي الفلسطينية ومصادرة ممتلكات السكان الفلسطينيين وإقامة المستوطنات عليها وتوطين اليهود فيها وإقامة جدار العزل العنصري " الضم " حولها وحرمان السكان الأصليين من بناء المنازل وهدم منازلهم القائمة ومصادرتها وسرقة محتوياتها وحرقها وإصدار قرارات احتلالية عنصرية تهدف إلى تفريغ المدينة وتهجير السكان كإحدى أهم الوسائل المتعمدة والمبرمجة لدولة الاحتلال الإسرائيلية من أجل خلق واقع جديد يكون فيه اليهود النسبة العالية في المدينة وبحيث لا يتجاوز عدد السكان الفلسطينيين في القدس 22% من المجموع العام للسكان وذلك لإحداث خلخلة في الميزان الديمغرافي في المدينة، ولا تنفك الدراسات الإسرائيلية عن متابعة ذلك في القدس خاصة وعلى مستوى كافة المدن التي يعيش فيها الفلسطينيون . اليوم القدس تعاني فعلينا جميعاً ألا نتركها لوحدها وألا يتحول سكانها إلى أسرى الإجراءات الاحتلالية ، ودائماً نقول القدس عاصمة دولتنا الفلسطينية ولكن لوضعها الديني نقول أيضاً القدس ليست للمقدسيين فقط وحدهم بل على الجميع تحمل مسؤولياتهم نحوها . إن الاحتلال يحاول تدمير المجتمع المقدسي بعملية التطهير العرقي وتحريف المناهج التعليمية بالقدس، وتغيير الواقع الديمغرافي فيها بتهجير السكان الأصليين .