مؤلم أن تقرأ المشهد العربي في عالم اليوم. تقف على شاطئ الحزن وتبحر في عينيك مسافات الخوف وتباريح الألم.وحدك تستطيع أن تتأمل الأشياء.. بعيداً عن حوار الآخرين وتستعرض تضاريس الحالة العربية.أمة ظهرت فيها جحافل من أعداء الحياة ودعاة.. استخدموا ورقة الإسلام لصناعة الموت والدماء والدمار.. ليكون "الذبح عقيدة" حجبوا عن الأطفال رؤية ألوان قوس قزح ليرسموا ألوان العذاب على أجساد آبائهم وأمهاتهم وأشقائهم وأصدقائهم. وفرضوا عليهم تداول بقايا لعبة حزينة تناثرت فوق الأنقاض! سماسرة الانتحار وقتل البشر بورقة الإسلام على طريقتهم الخاصة يمارسون تجارة "حقيرة" لا علاقة لها بالإسلام إلاَّ في فقه الطغاة والخارجين عن العقيدة والإنسانية بعد أن قرروا قتل الضمير في صدورهم. وبايعوا الشيطان في عقولهم. هذه الجماعات المتطرفة فرضت حالة من صراع الحضارات. وعكست صورة سيئة عند الآخرين للمنهج الإسلامي والأخلاقي لأمة أصبحت تعاني من تأثير الهوية في التعايش السياسي والاقتصادي والعلمي مع عالم اليوم. لترتفع فواتير البراءة من الانتماء لخطاب التطرف. فرضوا نوعاً من الإحباط عند جيل الأمة الإسلامية. وجعلوه يعيش في "أكوام" من الأسئلة أمام حرب الفتاوى وسجالات يستيقظون بعدها على رؤية أشلاء متناثرة باسم الإسلام!! وعلى الجانب الآخر من المشهد العربي تختلط الأوراق السياسية مع الورقة اللادينية التي يمارسها التطرف.. ترسم في مجملها خارطة الصراع.. الأولى باسم القضية الفلسطينية والثانية باسم الإسلام السياسي. فلا قضية انتصرت.. ولا إسلام ناله أكثر من الإساءة. متطوعون من الفريقين جلبوا للأمة العربية نكسة فرضت تحولاً إلى الوراء.. وسط فصول من غمامات سماء ملبدة بالغيوم وترقب مخيف لعواصف المرحلة القادمة من تاريخ أمة ما زالت ترفع شعار صهوة حصان خالد بن الوليد في زمن عابرة القارات المتعددة!! لكنها في الواقع تجربة تجتاح الشعوب العربية من الداخل.. أمة تطعن أجسادها بخناجرها.. وتفخخ في عقيدة الاسلام اشعاعاً نووياً من الكراهية والتوجس عند الآخرين وحتى داخل المجتمع الإسلامي من شباب هذه الأمة. هكذا تم استبدال التفاؤل العربي نحو المستقبل بالإحباط.. وهكذا ارتفعت وتيرة الخوف على الإسلام من داخل المجتمع الإسلامي.. وتصاعد المفهوم الخاطئ للقوة ورباط الخيل. ليصبح الحزام الناسف رباط الجهل. ومن منابر الأحزاب السياسية والدينية يتقاسم الجميع أدوات الدمار وصناعة الموت ودفن الأمة العربية فوق أنقاض تاريخ من منعطفات المرحلة المؤلمة!! ويبقى سؤال جبران خليل جبران مفتوحاً حين قال: قبل أن تسأل ماذا قدم لك الوطن.. عليك أن تسأل ماذا قدمت أنت لوطنك؟ سؤال لن يجيب عنه دعاة الضلال ولا جنرالات الحروب. ولا أبطال القنابل السياسية في منابر الكلام !!