ربما أكثر ما يردده أشقاؤنا اللبنانيون بعد كلمات أغاني السيدة فيروز هو السيد" أذار "! وهو الشهر الثالث من السنة الميلادية الذي اعتادت دول العالم تسميته بشهر مارس وأبت دول الشام العراق وسوريا ولبنان أن لا تطلق عليه إلا أذاراً , هو شهر لديه مشكلة مع لبنان الوطن لأنه كان سبباً في تقسيم أرضه وشعبه لفرقتين، كلتاهما تعانق أذارا ! فبعيد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في بيروت في فبراير 2005 م خرج الجيش السوري من الأراضي اللبنانية في ذات العام و أياديه ملطخة بدماء آلاف من الأبرياء اللبنانيين وهو الذي سوق للعالم كذبة وجوده على أنه باقٍ في لبنان لحماية أهلها من أي اعتداء خارجي, تمخض خروج السوريين من لبنان وقبل ذلك اغتيال الحريري عن فريقين امتلكا معظم الأجواء السياسية هناك ! وهما نتاج تحالفات حزبية كان لبعضها الحضور والتأثير القوي على المشهد اللبناني قبيل الإندماج في الفريق الواحد, تعرف اللبنانيون على فرقة 14 أذار والتي وقف خلف تأسيسها تيار المستقبل وانضمت لها بعض الأحزاب مثل حزب الوطنيين الأحرار الماروني وحزب الكتائب وبعض الحركات والكتل التي اتفق جميع الحلفاء فيها على ضرورة أن يكف نظام بشار الأسد المتهم باغتيال رفيق الحريري يده عن لبنان، أثناء ذلك ظهر فريق جديد اسمه 8 أذار ! وهو فريق نطلق مؤسسوه من تحالفات حزبية يرتبط معظمها بعلاقة وثيقة مع النظام السوري واختاروا هذا التاريخ لدعوة أتباعهم لمظاهرة حاشدة عنوانها الكبير " شكراً سوريا " ! كان حزب الله في لبنان هو المسؤول الأول عن هذا الفريق واللاعب الأكبر بالإضافة لحركة أمل وبعض التيارات مثل الوطني الحر والتوحيد وغيرها , وما أن استحوذ الفريقان على لبنان إلا وبدأت الحرب بينهما في حضرة السيد "أذار" ! تبنى حزب الله " غزوة" بيروت الشهيرة التي قتلت ونكلت بأهالي المدينة وأسقطت حكومة فؤاد السنيورة حينها بقوة السلاح ! ليعود فريقه بعدها وينزع من رئيس 14 أذار سعد الحريري كرسي الحكومة بعد استقالة 11 وزيراً, وما أشبه الليلة بالبارحة ونحن نعيش في أواخر شهر أذار تقدم رئيس الوزراء نجيب ميقاتي باستقالته بعد أن ظهر على الرجل عجزه الكامل في لمٌ شمل الداخل اللبناني وعجزه أيضاً عن تنفيذ ما يملكه من صلاحيات خولها له منصبه ليدخل البلد في فراغ سياسي و طائفي خطير نتج عنه اشتباكات بين طوائفه في طرابلس مازالت مشتعلة حتى الآن, إن من يطلع على حال لبنان الوطن من الخارج وبعين محايدة بعض الشيء وبعيداً عن أذار المشؤوم لن يجد صعوبة في وضع يده على الجرح وتشخيص علته الممتدة منذ عقود طويلة , فالمتهم في القضية اللبنانية هو ذلك " المتلبنن" ! والذي رغم حمله لبطاقة الهوية وجواز السفر اللبناني قام ببيع ضميره وذمته للبعض في الخارج و الذي ساهم في استباحة سيادة بلد عظيم كلبنان له احترامه بين دول العالم , وأياً كان سبب البيعة طائفياً أم سياسياً أو كان حتى مالياً فإن ذلك سيظل بخساً إذا ما وضعنا بجانبه لبنان " الوطن " بأرضه وفضائه الشاسع , مهما حاول شرفاء العالم ممن يهمهم أمر لبنان تقديم المساعدة المالية أو النصائح السياسية فإنهم لن يستطيعوا إحداث ذلك الفرق الهائل, فالأمر متعلق باللبناني نفسه أولاً فبيده أن يحتضن جرح وطنه وينكب على معالجته بعيداً عن وحل الطائفية, بعيداً عن المصالح الإقليمية, بعيداً عن الدولة الجارة وغيرها , وبعيداً حتى عن أذار ! twitter : aalbaly [email protected]