تحتل الأزمة مع كوريا الشمالية واجهة الأحداث العالمية وتشغل بال دوائر صناعة القرار الدولي في ظل التهديدات بين كوريا الجنوبية والشمالية باللجوء الى استخدام السلاح النووي ، وفي ظل تهديد بيونغ يانغ بإستهداف مواقع إستراتيجية في الولاياتالمتحدة الأميركية .والخلاف بين المعسكر الغربي وبين كوريا الشمالية ليس جديداَ بل هو من مخلفات الحرب الباردة التي كانت سائدة لعشرات السنوات بين انصار الرأسمالية وبين انصار الإشتراكية إذ كانت كوريا مستعمرة يابانية ، وبعد هزيمة اليابان اصبحت كوريا غنيمة حرب بين الاتحاد السوفياتي والولاياتالمتحدة. الشطر الشمالي للسوفيات والجنوبي للامريكان. وعام1948 اصبح الشطرين مستقلين، فساد نظام شيوعي في الشمال ونطام راسمالي في الجنوب. وعام 1950 حاول الشمال غزو الجنوب وضمه اليه فتدخلت امريكا وتم طرد الشيوعيين من الجنوب واحتلت امريكا وحلفائها معظم اراضي كوريا الشمالية حتى العاصمة بيونغ يانغ ، وتدخلت الصين لمناصرة كوريا الشمالية فخسرت نحو 400 الف شخص خلال ايام بالاضافة لمقتل 4 ملايين كوري شمالي و50 الف جندي اميركي. وكادت اميركا ان تستعمل القنبلة النووية ضد الصين لولا تدخل الاتحاد السوفياتي حيث تم ابرام حالة هدنة بين الكوريتين . ومنذ ذلك الوقت والعلاقة تمر بمد وجزر رغم سقوط المعسكر الإشتراكي وتفكك دول الأتحاد السوفياتي .وغالباً ما كانت تجري مفاوضات بين الكوريتين برعاية اميركية وبمشاركة صينية وروسية ، وكانت تصل احياناً الى توقيع اتفاق غالباً ما يكون مضمونه توقف كوريا الشمالية عن انتاج السلاح النووي مقابل حصولها على مساعدات مالية وغذائية ونفطية ، ولكن سرعان ما كان يسقط الإتفاق لأن لدى كل طرف اطماع خاصة به لم يتنازل يوماً عنها :فأميركا تريد بسط سيطرتها بالكامل على شبه الجزيرة الكورية لفوائد اقتصادية ولمحاصرة الصين .وبيونغ يانع لا زالت تحلم بإستعادة كوريا الجنوبية وضمها الى نظامها .يضاف الى ذلك ما لدى بكينوموسكو من مشاريع خاصة بها والتي تتمحور حول السعي لمنع واشنطن من الإستئثار بهذه المنطقة الهامة من العالم .وأخيراً وصلت الخلافات بين كوريا الشمالية وشقيقتها الجنوبية الى اقصى حدودها حيث عمد الشطر الشمالي الى اجراء تجربة نووية ناجحة في 12 شباط/فبراير وهي الثالثة بعد سنتي 2006 و2009 .وشكلت هذه التجربة تحدياً لكوريا الجنوبية ولحليفتها الأميركية كما احرجت حلفاء بيونغ يانغ أي روسيا والصين اللتان اضطرتا الى الموافقة على قرار لمجلس الامن الدولي يقضي بفرض عقوبات جديدة، مالية خصوصا، بحق كوريا الشمالية . كما يسعى القرار الذي اقترحته عدة دول منها الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية وفرنسا وصادق عليه الاعضاء الخمسة عشر في المجلس بالاجماع الى اجتثاث مصادر التمويل التي تلجا اليها بيونغ يانغ لتحقيق طموحاتها البالسيتية ويفرض مراقبة على الدبلوماسيين الكوريين الشماليين ويوسع اللائحة السوداء للاشخاص والشركات المجمدة حساباتهم او الممنوعين من السفر.ويحدد القرار بوضوح جملة من السلع الفخمة التي لن يسمح لقادة النظام الشيوعي باقتنائها في المستقبل ويفرض لزاما تفتيش الشحنات القادمة والمتوجهة الى كوريا الشمالية .ورداً على ذلك لجأت كوريا الشمالية الى الغاء معاهدة الهدنة التي انهت الحرب الكورية عام 1953 محذرة من ان الخطوة المقبلة ستكون ردا عسكريا "لا هوادة فيه" ضد اعدائها. وتضمن بيان مطول اصدرته وزارة القوات المسلحة الكورية الشمالية تهديدات اضافية بعد تلك التي وجهتها بيونغ يانغ ما رفع التوتر في شبه الجزيرة الكورية الى اعلى مستوياته منذ سنوات.وحدد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون جزيرة صغيرة في كوريا الجنوبية (باينغنيونغ ) كهدف أول في حال اندلاع نزاع.. ويبلغ عدد سكان هذه الجزيرة خمسة آلاف نسمة وتتمركز فيها عدة وحدات عسكرية.ومن جهتها تعهدت رئيسة كوريا الجنوبية بارك كون هيون بالتعامل بقوة مع استفزازات كوريا الشمالية . وقالت بارك إن كوريا الشمالية سعت قدمًا نحو إجراء تجربة نووية وتطوير صواريخ طويلة المدى وتهدد بإلغاء الهدنة ، مضيفة أن سيول ستتعامل بقوة مع الاستفزازات الكورية الشمالية . هذه الأجواء المشحونة قد تدفع بأحد اطراف النزاع الى القيام بمغامرة اقلها اللجوء الى السلاح النووي وعند ذلك ستكون شرارة بداية الحرب العالمية الثالثة قد انطلقت إلا إذا نجحت الوساطات الجديدة التي تخوضها موسكووبكين من اجل التعامل مع هذه الأزمة الخطيرة بروية وهدوء .