الادارة فن تعلم وتعليم في حسن معاملة الآخرين، بذوق وتفان وإجادة للعمل «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»، وتقديم الخدمة المبسطة بأسلوب راق ورائع وابتسامة رضى حلوة وهدف طموح.أما الترهل فيعني التواكل والاتكالية، هذا المفهوم الخاطئ هو التراجع والتقاعس بعينيه حتى توصف حينئذ الادارة بالرجل المعلول المريض المترهل في مظهره وملبسه وحقيقته ومخبره، فتتصور الادارة في ذهنك رجلاً ثيابه ممزقة ومرقعة، مائلاً مميلاً ممقوتاً مبتذلاً، يقف مستجديا كشحاذ على باب لئيم لا يلبي له حاجة ولا رغبة، وفي شكله رهبة، شعره منثور في كل الاتجاهات كأنه خارج للتو من زوبعة جعلت على كل شعرة حبة رمل، توحي هيئته بأنه لا يعرف الرحمة، هلوعاً جزوعاً مَنُوعاً، ثم عتل بعد ذلك ذا مال وبنين، أحول في نظراته؛ إن نظر إليك تحسبه ينظر حواليك! حديثه تعتعة، وفي لسانه لدغة، يتكلم بكلمات غير مفهومة، اما ثقافته فهي دون الأمية، رديءٌ خطه فكأنه يكتب دون علمه! حروف سومرية او فينيقية او مسمارية هيروغليفية! تقول له زيدا فيسمع خالدا! ويكتب عمراً ويقرأها بشرا، فهو رجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري! فذلك أحمق جاهل فاجتنبوه وارفضوه فهو لا يحسن الادارة.أما إذا رأى الفلوس عندئذ لعابه يسيل، ويضحك وعليك يميل، ويمد يده بخفة في جيبك اليمين، ويظهر اسنانا وفكا كعش الدبابير او العصافير من كثرة شرب الدخان والقهوة و»السيكار». وإذا طلبت منه خدمة يقول تعال بكرة بكير، وإذا جئت من بكير ولم تدفع المعلوم فلا يهتم بك ولا يعرف من تكون، وإذا سلمت لا يرد التحية قاصدا ومصرا على ذلك، وإذا دفعت المعلوم! ففي معاملتك يطير، ويضعها امام توقيع المدير، وتروح بكير. ويتدرج ويتدحرج مع الوظائف، ويفسد حال الموظفين ليصل ويصلح حاله في النهاية على حساب الاصدقاء والمحاسيب؛ بالنفاق والتزلف والتحالف والتعارف والهدايا المخفية في الدروج والمداخل والمخارج والمعارج، وبين عشية وضحاها يصبح مديرا ومسؤولا كبيرا عظيما يشار اليه بالبنان، وفي قديم الزمان كان لا يعرفه انسان. هذا شر البلية، والمحنة الانسانية أن يُوسَّد الامر الى غير اهله، وتدور الدائرة على الادارة، وتستغيث وتستنجد إني أغرق أغرق أغرق! فلا مجيب، فتغرق في النهاية وتنتهي حكاية الادارة، فكانت من المغرقين، إنا لله وإنا اليه راجعون.