أن تسعى الى النجاح في أي باب من أبواب حياتك شيء عظيم، فكيف إن وصلت الى القمة والصدارة!! عندها يحلو الحديث وتتدافع الكلمات لتسبق القلم في التعبير عن ذلك الشعور. فما هي يا ترى معايير النجاح والتفوق وما هو السبيل الى ذلك؟؟ هل بالارتقاء على أكتاف الآخرين والدوس على الكرامة والتملق والنفاق يصل المرء الى مبتغاه ليقال بأنه إنسان ناجح أم بالسهر والمحاولة والاعتماد على النفس والعصامية؟؟؟ ستطول المقارنة وتطول.. إذن كيف نفسر ما وصلت إليه الدول التي نحسبها تقدمية في تحقيق النجاحات والاختراعات، وكيف نقيِّم من تربع على عرش الثروة بالأرصدة التي تزغلل الأعين؟؟ ليس الأمر بتلك السهولة.. إن ما نحسبه نجاحاً قد يكون في أعين الآخرين فشلاً، وما نحسبه صدارة قد يوصف بالقذارة!!! ولو تصفحنا كتب التاريخ والسير واستعنا بكتب الأدب والعلوم والفلسفة وتابعنا صفحات الجرائد والصحف، ومررنا بالمتاحف والمقابر، ووقفنا على أبواب الجامعات والمدارس، ومررنا بالأسواق والمتاجر، وعبرنا المزارع والحقول، وحلقنا في الفضاء وجلسنا في المدرجات والملاعب، وزلفنا الى المسارح والمعارض، وعرجنا الى المختبرات والمعامل، لخرجنا من تلك الأبواب بنماذج كثيرة لأناس سُجِلت أسماؤهم بأحرف من نور وحازوا على العديد من الجوائز والكؤوس وازدانت صدورهم بالنياشين والأنواط وملئت مكاتبهم بالدروع والشهادات، أناس أناروا الطريق وقدموا للبشرية ثمرة تجاربهم ونجاحهم، فاستحقوا بذلك أوسمة الشرف. وعلى النقيض من ذلك نجد نماذج أخرى لأناس عرفوا بالتسلط والانتهازية وسرقة الأضواء وتلطخت أيديهم بدماء الشعوب حين تمكنوا من تكميم الأفواه والبقاء في قمة الهرم وزعموا بأن النجاح حليفهم. من هنا تأتي الصعوبة في التمييز بين نجاح وآخر، ولكي نبقى في دائرة الحديث الذي بدأناه وحصر ما نود قوله عن مفهوم النجاح الحقيقي الذي لا يمس الآخرين بسوء ويبقي صاحبه فوق الشبهات، ذلك النجاح الذي يستحق الدفاع ويستحق الإشادة.. فهنيئا لكل الناجحين والناجحات من هذا الطراز فنحن بأمس الحاجة إلى تلك السواعد والعقول لنسير الى القمة.