حينما تدق طبول الحرب أو الثورة في بلد ما كل شيء يتحول إلى رماد باستثناء المتحاربين على طرفي الجبهة فينتشر في أرجائه الخراب والدمار وتهدم البيوت وتحرق الأشجار وتنقطع الكهرباء وتشح المياه فيعيش السكان في محنة عظيمة ومعاناة مستمرة فأزيز الطائرات التي تقذف مدنهم وقراهم يكاد يوقف قلوبهم ودوي المدافع التي تدك بيوتهم يصم آذانهم، ويعيش الأطفال في خضم هذه الحروب وهذه النزاعات بين قوى الصراع حكاية من نوع آخر، حكاية مليئة بالعنف والقتل والتعذيب، والاستغلال الجنسي، وإشراكهم في النزاعات المسلحة وتحول بعضهم إلى جنود فاستبدلوا براءتهم وألعابهم بلعبة الحرب و بأسلحة حقيقية، ودفعوا بهم إلى ساحات المعارك رغم عدم معرفتهم بتكتيكات الحرب، مما أدى إلى مقتل العديد من الأطفال المجندين أو إصابتهم بالإعاقة نتيجة انفجار قنبلة أو مرورهم على لغم أرضي مما أدى إلى تشويه جيل كامل وحصد أرواح الآلاف من الأطفال الأبرياء، وفي كل عام تكشف المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان وحقوق الطفل عن حجم المأساة، والكارثة التي تحل بالأبرياء من المدنيين خلال فوضى الحروب، وخاصة الأطفال والذين يدفعون ثمن الطمع وغريزة التملك التي تسكن عقول أمراء الحرب، والحكام الطغاة الذين لا يكترثون لمصير شعوبهم، ولا مدى عبثهم بحياة الأطفال وحرمانهم من طفولتهم. قبل فترة ليست بالطويلة أصدرت منظمة بريطانية تدعى (طفل الحرب) تقريرا ذكر أن مئات الأطفال في سوريا قتلوا واغتصبوا، واستخدموا كدروع بشرية على يد جيش الطاغية بشار وشبيحته، وأن ما يتراوح بين 500 إلى 1300 طفل قتلوا في سوريا، فيما تم تجنيد أطفال لا تتجاوز أعمارهم الثماني سنوات كجنود، واغتصاب فتيات وفتيان من عمر 12 عاما، ووضع أكثر من 600 طفل في مراكز الاعتقال حيث تعرضوا للتعذيب والاستجواب مراراً وتكراراً، ورغم أن البعض قد يرى أن أعداد الضحايا في الواقع أعلى بكثير مما ذكر في تقرير المنظمة، ولكنه يلقي الضوء على حجم الكارثة التي يعيشها الشعب السوري و مأساة الأطفال هناك وضرورة تكثيف الجهود لحماية الأطفال المحاصرين في مناطق القتال داخل الأراضي السورية.