يذكّر مشهد اشتعال سوريا الذي وصل إلى ذروته أمس الأول في معارك منطقة الغوطة الشرقية التي استخدم فيها نظام (بشار الأسد) أكثر من ألفي جندي و50 دبابة لتعزيز عملياته القمعية ، يذكّر هذا المشهد المأساوي بمشهد الإمبراطور الروماني الطاغية (نيرون) بعد أن أشعل روما وجلس يتسلّى بمنظر النيران وهي تحرق أجساد شعبه وتلتهم وتدمر بيوتهم ومقتنياتهم وتنسف أحلامهم وحقوفهم وإنسانيتهم !!. معارك الغوطة الشرقية التي أسفرت عن قتل وجرح العشرات من الضحايا الأبرياء لا يمكن وصفها إلاّ بمسمّاها الحقيقي بأنها حرب مدن ، حيث فُجع العالم أمس بمشهد الجثث والأشلاء المتناثرة في الطرقات ، بما يذكّر بحروب النازي واقتحاماته للمدن الأوروبية.هذا التصعيد الذي جاء عشية زيارة الأمين العام للجامعة العربية ورئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثان لنيويورك للقاء السكرتير العام للأمم المتحدة المقرر اليوم الثلاثاء ، وبعد قرار الجامعة العربية تعليق مهمة بعثة المراقبين العرب في سوريا نتيجة استمرار أعمال العنف ، يعتبر بمثابة تحدٍ سافرٍ للمجتمع الدولي بأسره ، واستهزاء بدور ومكانة الجامعة العربية والأمم المتحدة ، وإصرار على تجاهل حقوق الشعب السوري التي دأب النظام على انتهاكها بشكل يتنافى مع القانون الدولي عندما عمد إلى قتل الأبرياء - بما في ذلك الأطفال- بدمٍ باردٍ ، واستخدم القصف العشوائي في استهداف الأحياء المدنية ، ومارس عمليات الاعتقال والتعذيب على نطاق واسع !. ما يدعو إلى الدهشة أن يعتقد النظام السوري وهو يمارس تلك الانتهاكات ، أن أي محاولة من شعبه أو من العالم لوقف تلك الممارسات والانتهاكات الوحشية من خلال المبادرات الإنسانية بأنه تدخل في شؤونه ، فيما أن العقل والمنطق يفترض أنه إذا كان النظام السوري متخوفًا من احتمالات التدخل الخارجي ومن احتمال اندلاع حرب أهلية ، فلماذا يواصل عمليات القمع والاعتقال والتنكيل التي يمارسها ضد شعبه منذ أكثر من 10 أشهر؟! المجتمع الدولي بدوره يجد في ظل هذا التصعيد أن تحفّظ روسيا عن تأييد مشروع القرار الأوروبي - العربي الداعم لقرار الجامعة تسليم الرئيس السوري السلطة لنائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية مع المعارضة خلال شهرين كحلّ للأزمة ، يزيد من تعقيدها ، ويدفع الأسد إلى المزيد من تلك الانتهاكات.