مرة بعد أخرى تؤكد المملكة العربية السعودية تحملها لمسؤولياتها التاريخية وحرصها على تعزيز التضامن الإسلامي، فهذا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يعلن عن حدثين مهمين مع بداية شهر رمضان. أولهما هو دعوته حفظه الله لحملة وطنية لجمع التبرعات لنصرة الشعب السوري الذي يقع تحت وطأة تعذيب النظام الحاكم الذي تحدى جميع الأعراف والقيم الأخلاقية وبات لا يتورع عن أساليب الإبادة والقتل، وهي مبادرة تعكس الحرص الدائم للملك عبدالله على استلهام روح الإسلام في إغاثة المحتاجين ورغبته الملحة في نصرة ومساعدة المظلومين وإنقاذهم مما يعانونه من مآس وهلع على مقدراتهم ومكتسبات بلادهم، وليؤكد أن بلداً يحتضن قبلة المسلمين هو الأحق والأجدر بالمبادرة والسعي في طرق الخير. أما الحدث الثاني فهو دعوته أيده الله إلى عقد مؤتمر التضامن الإسلامي الاستثنائي في مكةالمكرمة يومي السادس والعشرين والسابع والعشرين من شهر رمضان الحالي مؤكداً حرصه لما فيه خدمة الإسلام والمسلمين ووحدتهم خاصة في هذه الفترة الحرجة وما تواجهه الأمة الإسلامية من مخاطر باتت تستهدف الهوية الإسلامية. هذه الدعوة يعتبرها المراقبون أنها جاءت في وقتها فالأمة الإسلامية تعيش هذه الأيام مخاض أحداث جسيمة تستوجب التدارك بحكمة والإسراع في المعالجة فالوقت عصيب وحرج في تداعياته وأغلب المؤشرات التي نلحظها تدل على أن وحدة الأمة مهددة بالتجزئة والفتنة، ومن هنا جاءت الدعوة للمؤتمر الذي سيكون فرصة تاريخية لبلورة سياسة فاعلة لمواجهة التحديات الخارجية وتحقيق التضامن الإسلامي. المسلمون في كل أنحاء العالم يأملون أن يكون المؤتمر فرصة لترسيخ مبادئ ومفاهيم التسامح ولم الشمل بين الدول وأن ينتج عنه خارطة طريق تنفيذية شاملة لمعالجة المعوقات المتعددة التي تواجهها الأمة وأن توضع الحلول العملية للقضايا المزمنة وأولها القضية الفلسطينية التي قل الاهتمام بها في الفترة الماضية نتيجة لتطورات الربيع العربي وأثرها على منطقة الشرق الأوسط بالإضافة إلى إيجاد الحلول المناسبة للخروج من الأزمات المتعددة في أكثر من بلد إسلامي، وبلاشك فإن الملف السوري سيكون له الأولوية في جدول أعمال المؤتمر فالوضع في سوريا الآن لا يهدد أمن سوريا فقط وإنما أمن المنطقة ككل ولا يمكن بأي حال من الأحوال السكوت على تلك المذابح والمجازر. الدعوة السعودية لعقد مؤتمر استثنائي للتضامن الإسلامي في مكةالمكرمة تشكل أحساساً كبيراً بالمسؤولية القيادية الملقاة على عاتق الملك عبدالله وتعكس أهمية وثقل الدور السعودي على مستوى المنطقة ودول العالم الإسلامي الذي هو نتاج للدور الاقتصادي القوي للمملكة على مستوى العالم بالإضافة إلى قيادتها الروحية للعالم الإسلامي فهي مهبط الوحي وحاضنة الحرمين الشريفين، ومن المهم أن دولة في ثقل المملكة السياسي والاقتصادي وما تملكه من حنكة وقدرة في لم الشمل الإسلامي أن تقوم بالدور القيادي الذي تحتاجه المنطقة الآن أكثر من أي وقت مضى، حتى لا يبقى المجال مفتوحاً أمام من يسعى لاستغلال الفرص على حساب مصالح المنطقة وشعوبها.