رمضان هبة المنان لعباده كافة ..القوي والضعيف .. الغني والفقير ..السعيد والشقي ..الذكر والأنثى .. الكبير والصغير ..الجميع دون استثناء من أجل تنقية النفس وفلترتها مما شابها على مدى عام مضى ، وهبه الله رحمة ورأفة وتشجيعاً على الإقبال والإنابة ، فهو يعلم جل جلاله وتقدست أسماؤه مدى إسرافنا على أنفسنا، وعظيم ذنوبنا ، فمنحنا هذا الشهر العظيم فرصة للبدء من جديد.. حينما تثقل أجهزة الحاسوب كثرة الفيروسات والديدان الرقمية يتغير أداؤها ، وتتعطل بعض وظائفها ، وتقل جودتها وسرعة استجابتها لأوامر البرامج فيها ، وعندها تأتي الحاجة لتقنية «الفورمات» لتلك الأجهزة وتخليصها من برامجها السيئة التي أضعفت أداءها، وقللت جودة عملها. كذلك المسلم يترنح بين الحسنات والسيئات ، بين الذنب والأجر ، بين اليأس والأمل ، خطوة في الخير، وخطوات في الشر، فتغدو سجلاته ملأى بما يحب ربه وما يكره ، ولا ريب أن الأخيرة مهما كانت ضآلتها تفسد دوماً طعم الأولى ، فينْغمُّ ويتكدر ، وربما يشقى ويتحسر ، حتى إذا ما تملكه القنوط تراءى له هلال رمضان ، وهلت له بشائر الخير والعفو والغفران ، فيقبل على ربه تائباً منيباً يرجو الصفح والرحمة والعتق من النيران .. كل أمله أن يمسح ربه على قلبه بالطمأنينة والأمان وراحة البال والضمير.. شيء يشبه «الفورمات» لروحه وعقله وبدنه ، لكنه «فورمات» ليس كمثل «فورمات» الحواسيب الذي يجب ويجتث كل ما يجده أمامه .. بل هو الرحمة المهداة وطوق النجاة الذي يستبدل السيئات بالحسنات ، والخبيث بالطيب ، بل وفيه يتضاعف الثواب ، وتنزاح كل الهموم ، وفيه تُغسل القلوب من أدران المعاصي والذنوب . علينا جميعاً اغتنام هذا المنحة الربانية بكل ما من شأنه أن يقربنا من رضوان الله ومغفرته .. ومن يتأمل منا حق التأمل يدرك أن رمضان هذا العام هو ذاته رمضان في العام الماضي ، لم يتغير فيه شيء سوى أن من بلغه هذا العام لم يكونوا جميع من بلغه العام الماضي .. منهم أحباب لنا وأقارب .. وبالتأكيد أن رمضان القادم سيغيب عنه بعض منا .. لذا من أنار الله قلبه أدرك هذا السُنّة الإلهية واغتنم ساعات ودقائق هذا الشهر الفضيل وكأنه قد علم أنه لن يكون من صوّامه العام القادم . Twitter: ad_alshihiri