طالت الفوضى تقريباً كل شيء في مصر حتى الإعلام الذي يفترض به أن يشكل الضمير الوطني للدولة والشعب والفكر والأدب لم يسلم من هذا .. الأمر الذي لم يدع لنا مجالاً من التردد في التيقن من أن مصر ليست على ما يرام .. مصر عرابة الحضارة الإنسانية على وجه الأرض والتي كانت الصمام العروبي الصلد في التاريخ الإسلامي بكل أسف اليوم ليست على ما يرام .. نقولها حباً وحسرة وألماً وكمداً.. فما من حجر على وجه الخارطة العربية الكبرى إلا ويشهد بالفضل لأرضها فكراً وعلماً وأدباً .. لكن من يتأملها اليوم لا يملك إلا أن يضرب كفاً بكف متسائلاً ( ما الذي يجري في قاهرة المعز ؟ ) وإلي أين سيمضي بها الغوغائيون ؟ وإننا لنتساءل أين العقلاء الذين يدركون مدى حاجة مصر اليوم لأصدقائها وربما أكثر من أي وقت مضى ؟ العقلاء الذين عليهم واجب الإحاطة بحجم ومدى الكارثة التي تستدرج هذا البلد العظيم فيما لو أذعنوا لحكم البلطجة وأذناب المتحولين من إعلاميي النظام البائد.. العقلاء الذين يحكمون المنطق والعقل والحكمة .. العقلاء الذين يعلمون أن هذا الوقت ليس وقت المزايدات والنعرات والتهييج وضرب العلاقات وبالأخص مع من أثبتت تقلبات الأيام ثباتهم ومؤازرتهم أمام التحديات والعوارض كشقيقتهم المملكة العربية السعودية التي ما مابرحت - منذ سقوط النظام البائد - تستجدي الأعذار تلو الأعذار لأولئك المسعورين المتساقطين عن متاع النظام المخلوع والذين لم يروا من وسيلة لتسديد فاتورة تخاذلهم إبان الثورة سوى التعدي والشتم وكيل التهم لأرض الحرمين بداعي الكرامة متناسين أن السعودية كانت وما زالت من أشد الدول تكريساً لحماية كرامة كل عربي ومسلم ليس في مصر وحسب بل في كل أقطار الدنيا ، ومع ذلك تغاضت وصبرت وتحملت ولم تفتأ تسوغ لشقيقتها هذه الرعونة الإعلامية متأملة أن يسهم العقل في كبحها . إن المشهد المضطرب على وسائل الإعلام المصرية يفرض على طاولة المنطق طرح هذا التساؤل .. لماذا هذه الرعونة الإعلامية ظهرت في هذا الوقت بالذات ..أي في الوقت الذي يعلم الجميع أن البريسترويكا المصرية أضحت في أشد الحاجة لاقتصاد متين وسيولة متدفقة .. والتي لا أمل في تحققها إلا من خلال حماية العلاقات السياسية المبرمة والاتفاقات القائمة ناهيكم عن حماية ما تحقق لها من مكاسب سياسية واقتصادية هامة ؟ في تصوري ألا إجابة مقنعة عن هذا السؤال غير سعي ( أبو الكرامة ) إلي وأد فكرة قيام الدولة المصرية وعودتها فتية يانعة بالأمن والأمان والعدل والرخاء والديمقراطية ، نعم هو ذا بلا شك .. إنهم أذناب النظام القديم الذي لا هم له إلا إضعاف اقتصاد البلد وعزله خاصة عن جسور الدعم السعودي الأوفر يقيناً والأكثر قرباً من بلوغه خزائن مصر بحكم متانة العلاقة بين البلدين ،نعم هذا هو السبب فلا ضمان لإفشال الثورة إلا بدق هذا الجسر المتين حتى تعود صاغرة مهانة لأحضان الاستبداد والنظام القديم . @ad_alshihri