ونحن ندعو إلى الحوار داخل مجتمعنا وعلى مستويات مختلفة، علينا أن نهتم بتفعيل هذا المفهوم داخل الأسرة فالحوار بين الآباء والأبناء من أهم وسائل التواصل التي تحقق نتائج نفسية وتربوية واجتماعية. والأسرة التي تشتكي من غياب عنصر الحوار والإقناع في البيت قد تهدم فيها جسور التواصل بين أفرادها، وتصبح أغلب المشاكل داخل المنزل لا تحل إلا بالأوامر والصراخ وليس بالحوار والتشاور. ضعف الحوار داخل المنزل قد يكون سببه هو فشل الآباء في التقرب إلى أبنائهم نتيجة لاختلاف أفكارهم عن بعضهم البعض، فقدرات الآباء غير متكافئة مع قدرات الأبناء، والآباء مقارنة مع أبنائهم مثل طالب الصف الثانوي الذي يمكنه بسهولة استيعاب منهج الصف الابتدائي بينما العكس غير وارد. نزول الآباء بالفهم والحوار إلى مستوى أبنائهم هو أحد أهم الخطوات لإنشاء حوار ناجح يحقق التقارب بين الآباء والأبناء وفي ذلك وسيلة فاعلة لتعريف الأبناء بحجم المحبة التي يكنها لهم آباؤهم وطريقة ناجحة لأن يدخل الآباء إلى عقول أبنائهم ويسكنوا قلوبهم الخضراء. أدب الحوار وانتقاء الكلمات الملائمة واختيار الوقت المناسب جميعها تمثل أيضاً أساليب مهمة لتحقيق حوار مثمر وفعال بين الآباء وأبنائهم، وإذا كان الكبير يحتاج إلى لغة الحركات الدافئة فما بالكم بأبنائنا وهم في زهرة العمر. حسن الإصغاء لأفكارهم وحسن الاستماع لمشاكلهم من أهم ما يحتاجه الأبناء، إضافة إلى الاهتمام بالموضوعات التي يحبونها ويسعدون بها وعدم التقليل من قدراتهم أو مقارنتهم بمن هو أقل منهم في جانب معين، فالابن يريد صديقاً يتفهم مشاعره ويستمع له باهتمام، وعندما لا يجده في بيته يبحث عنه خارجه وهو في سن المراهقة وهي المرحلة التي تحدث فيها تغيرات في نمط السلوك والتفكير، فيبدأ جسر التواصل بين الأب وابنه في الانهيار ويصبح الأب مع مرور الوقت معزولاً عن ابنه وهو في أخطر مراحل حياته. وفي المقابل، هناك أساليب كثيرة تسهم في فشل الحوار مع الأبناء وتحدث شرخاً قوياً في علاقة الآباء بأبنائهم، فبعض الآباء يستخدمون مع أبنائهم أسلوب الحوار الصارم المبني على القسوة رغبة منهم في خلق هالة من التقدير والاحترام للظهور بها أمام أبنائهم وجعل الحوار من طرف واحد، وآخرون يستخدمون أسلوب اللوم الذي يؤدي إلى التنفير وتدفع بالأبناء إلى عدم الرغبة في الحوار مع آبائهم نتيجة لكثرة التجريح والمعاتبة، والبعض الآخر يستخدم أسلوب التحقيق والاستجواب مما يشعرهم بالضيق ويقضي على الحديث معهم. مثل هذه الأساليب فد تنتج أبناءً صامتين داخل بيوتهم وهي كما يراها الباحثون أحد أكبر المشاكل داخل الأسر في المملكة، فالآباء يتساءلون: لماذا أبناؤنا صامتون؟ وفيم يفكرون؟ ولماذا لا يتحدثون معنا؟. الحوار مطلب أساسي لحياة أسرية ناجحة ومثمرة، وتعويد الأبناء على الحوار وهم في سن مبكرة مسألة ضرورية، ولنجاح الحوار يجب أن تبقى قنوات الاتصال الأسرية مفتوحة، وفي رأيي فإن قضية الحوار مع الأبناء تبدو ملحة في زمننا الآن أكثر من أي وقت مضى، فالأب في السابق كانت لديه قوة حسية تؤثر في السيطرة على الأبناء وكذلك كانت الأم، وكانت التربية والتوجيه يقتصران على البيت والمدرسة والمسجد، أما الآن فهناك مصادر معلوماتية متعددة كالإنترنت والجوالات والأجهزة التقنية الأخرى، ويستطيع كل ابن داخل المنزل التعامل معها ومشاهدة ما تحتويها من أفكار وتصورات مختلفة.