أكد استشاريون نفسيون ل«الحياة» أن التعامل الخاطئ من الآباء مع أبنائهم ومحاولة فرض السيطرة بطريقة أو بأخرى عليهم، لا يشجع الأبناء على تكوينهم بالطريقة السليمة وخروجهم بطريقة مكبوتة إلى المجتمع. وقال اختصاصي طب المجتمع الدكتور ماجد الغامدي ل«الحياة» إنه يوجد اعتقاد لدى بعض الآباء دوماً أن أبناءهم صغار لا يفهمون الصواب من الخطأ، مهما كان عمر الابن أو مستوى تعليمه، متسائلاً في الوقت ذاته: «كيف يميز هذا الابن بين الخطأ والصواب باقتناع من دون وجود جسور من التواصل والحوار بينه وبين والديه». وأضاف «إن الآباء يواجهون مشكلة في أبنائهم، تتمثل في كون الأبناء يطالبون بمزيد من الحرية والاستقلال، وبالتالي لابد من إقامة حوار حتى نضع إطارًا للحرية والاستقلال، وحتى يقيّم الابن هذه الحرية بمفهوم سليم»، مؤكداً ضرورة التواصل للتغلب على هذه المشكلات التي يواجهها الأبناء مع أبائهم. وتابع الغامدي: «هناك صراع داخلي في نفسية الأبناء، وهو صراع بين الاستقلال عن الأسرة والاعتماد عليها، صراع بين العادات الداخلية والتقاليد الاجتماعية في الأسرة، وهناك أيضاً الصراع الديني بين ما نتعلمه من شعائر ومبادئ وسلوكيات. إضافة إلى معاناة بعض الأبناء من الاغتراب والتمرد، لأنه يشعر أنه مختلف، وأن والديه لا يستوعبانه، فيمتلكه شعور بالغربة داخل البيت «الأسرة» ما يؤدي إلى عدم إحساسه بالأمان والاستقرار، إلا مع أصدقائه أو مع مدرسه أو أحد أقاربه. ونتيجة هذا الإحساس بالغربة يتولد لديه قدر من التمرد على الأساليب المتبعة في مسألة القدرة على السيطرة، فينتج لدى الابن خجل وانطواء أو سلوك مزعج حقيقي». وتابع: «يجب على الآباء أن يتفهموا لماذا تصرف ابنهم بهذا التصرف، وهذا التفهم لن يأتي إلا بالإنصات والتواصل مع الأبناء. والحل يكون بالتحدث والإنصات جيداً لأبنائهم، ومحاولة حل مشكلاته وتوفير جميع حاجاته ومعرفة ماهي خطواته المستقبلية وتقديم النصح والإرشاد والتوجيه الصحيح، وأيضاً محاولة معرفة أصدقائه المقربين منه سواء بالمدرسة أو خارجها». بدوره، يؤكد استشاري الأمراض النفسية الدكتور أحمد عبدالله أن بعض الآباء يعتقد أن المعاملة الجافة والصارمة مع أبنائهم هي الأسلوب الأمثل لإصلاح أمورهم والعدول عن سلبياتهم والكف عن أخطائهم والوصول بهم إلى بر الأمان. وقال: «حتى في القرارات الحاسمة التي تتعلق بمستقبل أبنائهم، نرى تشبث بعض الآباء برأيهم وإصرارهم على القبول للأمر الواقع، من دون تدبر ولا تفكير وأحياناً يضعون مصلحتهم الشخصية أمام أعينهم لتكون سبباً مباشراً وراء إجبارهم للرضوخ لأوامرهم». ويضيف: «يحدث ذلك عندما يتمسك بعض الآباء بموقفهم الرافض لدخول أبنائهم الكلية التي تتناسب مع ميولهم ورغباتهم، وهذا يعتبر إجباراً للابن على مكان لا يحبذ الدراسة فيه، وليس بالتصرف الصحيح، لكن مع ذلك قد لا يجد الأبناء مفراً من طاعة والديهم وإرضائهم حتى لو كان ذلك على حساب أنفسهم وطموحهم».