انتهى زمن «صك عليه» و «ادقم خشمه» عشان يتأدب و«يصير رجال» يشكو الكثير من الآباء صعوبة السيطرة على أبنائهم، مؤكدين على أن الأجيال السابقة كانت أسهل؛ لعدم وجود هذا الكم الهائل من وسائل الاتصال كالانترنت وأجهزة الجوال المتنوعة، إضافة للفضائيات، وتعددية المصادر، وهو ما يجعل فكرة مراقبة كل هذه الوسائل مهمة صعبة، كما تسبب الكثير من الخلافات مع أبنائهم الذين يرفضون التدخل في خصوصياتهم، حيث يؤكد الآباء على أنهم في سنوات مضت كانوا يخشون على أبنائهم عند خروجهم من المنزل ما يجعلهم يشددون عليهم بمرافقة أصدقاء صالحين مع ضرورة الابتعاد عن رفاق السوء، ليشعروا بالارتياح عند عودة أبنائهم للمنزل والذي يخيم عليه الصمت بعد العشاء بساعات قليلة. اختلاف الأسلوب بدايةً أكد "عبدالله مهدي" -أب- على أنه لا يفضل استخدام الأسلوب نفسه الذي تربى عليه مع أبنائه نظراً للاختلاف الكبير بين زمنه وزمن أبنائه. وقال:"من الطبيعي أن تختلف طرق الحياة باختلاف الأزمنة والأجيال وكلما أتى جيل جديد أتت معه خصائصه وطرق عيشه التي تميزه عن غيره من الأجيال السابقة، حيث إنّ كل جيل جديد يمتلك وسائل مختلفة عن الجيل الذي يسبقه، لذلك أفضل أن أتقرب لأبنائي لأتفهم عقلياتهم وتقديم النصح لهم كصديق أكثر من كوني أباً". الطرق القديمة ويتفق "زكريا السيهاتي" -أب- مع عدم ملاءمة الطرق القديمة في التربية مع الزمن الحديث والتي قد ينتج عنها نتائج سلبية جداً خصوصاً مع المراهقين لحساسية هذه المرحلة العمرية، منتقداً الكثير من الآباء الذين ما انفكوا يتحدثون عن قسوة الحياة السابقة وطرق التربية في ذاك الزمن إضافة لوصفهم لأبنائهم بالجيل المترف وهو ما يسبب في كثير من الأحيان التنافر في وجهات النظر بين الأبناء وآبائهم، مضيفاً: للأسف كثير من طرق التربية التي يستخدمها الآباء ليست بذات جدوى لتنشئة أجيال تتمكن من التغلب على المغريات السلبية للعولمة الفكرية والتكنولوجية، وذلك لافتقاد ثقافة الحوار بين الوالدين وأبنائهم ساهم بذلك الغربة الاجتماعية التي تعيشها الأسر من خلال أجهزة المحمول والنقالات، مؤكداً على أنه استطاع التقرب من أبنائه وتجاوز الكثير من المشاكل التي كانت ستنجم من خلال تعنته وتمسكه بالطرق القديمة في التربية والحوار ما جعل أبناءه وبناته يلجؤون له في الكثير من الأحيان لطلب النصيحة والمشورة والتي قد يلجأ لها بعض الأبناء لأشخاص أوأصدقاء غير أكفاء لاعتقادهم بأن والديهم لن يتفهموهم او سيفرضون عليهم آرائهم . مراعاة العمر فيما لا ترغب "أم صالح" -معلمة- بتكرار معاناتها عندما كانت في مقتبل عمرها، حيث كانت تشكو من عدم تفهم والدتها ووالدها غير المتعلمين ما جعلها تخشى في الكثير من الأحيان للحديث معهم أو طلب أي شيء منهم كونهم يثورون ويصيحون في وجهها، ولا يتركون لها المجال للمناقشة أو إبداء أي وجه نظر. وقالت:"كنت أشعر في تلك الفترة بخجل شديد وأخشى مواجهة المجتمع أو حتى الاجتماعات العائلية خوفاً من أن أتحدث بكلمة قد تصب غضب والدتي علي، لذلك قررت أن أربي أطفالي بطريقة مختلفة وأسلوب أكثر تحضراً وهو ما جعلني أقطف ثماراً جيدة مع بناتي وأبنائي، حيث يسود جو الاحترام المتبادل بيننا إضافة لحلنا لجميع المشاكل التي قد يتعرض لها أي فرد من العائلة من خلال الجو الودي البعيد كل البعد عن العصبية والصراخ". محسن العطاس أبناء يشكون لا أحد يشكك بمدى الحب الذي يوليه الآباء والأمهات لأبنائهم، إلاّ انه وللأسف الشديد يغيب عنهم فكرة التقرب وتوفير الحب والحنان لهم خصوصاً عندما يكون هناك فارق عمري بينهم، فيما يعمد آخرون على اقتطاع أوقات كافية للجلوس مع أبنائهم والخروج معهم في رحلات مختلفة أولتناول وجبة عشاء في احد المطاعم لتكون (جلسة أصدقاء) أكثر من كونها (جلسة عائلية)، حيث أكد "محسن العطاس" -طالب- أنّ أفضل وسيلة يستخدمها الآباء في إقناع أبنائهم بفكرة ما هو الحوار والتفاهم بعيد عن التشدد والعصبية والتي تجعل الكثير من الأبناء يعاندون لفرض فكرتهم حتى لو كانوا يعلمون بخطئها، ومن الضروري إيجاد قنوات للتواصل بين الآباء وأبنائهم لتساهم على خلق حالة من الاطمئنان والاستقرار في نفوس الأبناء وهي ما تنعكس بشكل ايجابي على كافة جوانب الحياة. متعب التركي التقارب العمري وقال "متعب التركي" -طالب- إنّ القرب العمري بين الأبناء والآباء يخلق انسجام وتفاهم كبير بينهم، حيث يتفهم كل منهم المتغيرات المتعلقة بجيل الأخر والتي لا تعتبر مختلفة بدرجة كبيرة جداً، مشيراً إلى ضرورة أن يتفهم الوالدان فوارق الأجيال الحديثة والتي تتسم بسرعة الإيقاع و والابتعاد عن الروتين، ما يجعل جيل الشباب يحبون الحركة واستخدام بعض الملابس الرياضية السريعة والتي لا تبرر في أي حال من الأحوال مبالغة البعض من الشباب في ارتداء ملابس غريبة وذات صرعات لا تتناسب مع المجتمع المحافظ بداعي التطور او الحداثة. عبدالله الزهراني التقليعات الغريبة ووصف "عبدالله الزهران" التقليعات الغريبة التي يقوم بها بعض الشباب كقصات الشعر والملابس الغريبة بالتصرفات المرفوضة، حتى من جيل الشباب المتزن كونها تسيء للذوق العام إضافة لإشكاليتها الشرعية في بعض الأحيان، بكل تأكيد سيرفض الآباء والأمهات ما يقوم به الشباب عند تجاوزهم الحد المعقول في الملبس أو قصات الشعر وهو ما يجعل الشباب يتهمون أباءهم بعدم تفهمهم. تصادم الأجيال وهناك عدة نظريات ذات وجهات نظر مختلفة تحكم علاقة الآباء بالأبناء أوالأجيال بعضها ببعض، لتفسر أسباب (الفجوة) بينهم وحالة التوتر التي قد تعيش في بنية المجتمع ونسيجه لتخلق بذلك نوعا من عدم التوريث الاجتماعي للعادات الطيبة والسلوكيات الايجابية للأجيال، حيث أوضح المستشار التربوي وعضو الهاتف الاستشاري بجمعية البر بالدمام "د.خالد بن أحمد السبتي الغامدي" الأسباب التي تجعل وجهات نظر الأجيال تتواجه من خلال (نظرية التصادم) والتي يتضح منها تواجه جيلي الأبناء والآباء إضافة لجيلي الآباء والأجداد ما يخلق الكثير من المشاكل لرفض الابن مقارنته بجيل قديم يعتبره غير مناسب لمعطيات جيله. استنساخ الجيل وأضاف: فيما هناك نظرية أخرى تفصل كل جيل عما قبله وتتميز بأنها ترفض الاقتران بأي شيء يتعلق بالجيل الآخر، أما عكسها فتعتمد على استنساخ الجيل لكل ما يحمله الجيل الذي يسبقه بكامل تفاصيله من خلال اعتماد الآباء على تربية أبنائهم بشكل مطابق للطريقة التي تربوا عليها ليقوم الأبناء باستنساخ هذه الطريقة على أبنائهم، ليتضح من هذه النظريات عدم جدواها في ضبط العلاقة بين الآباء وأبنائهم وهو ما ساهم ببروز نظرية مختلفة تتعلق بتفسير هذه الظواهر الاجتماعية تعتمد على القواسم المشتركة بين الأجيال لتحفظ للأسرة والمجتمع كيانه فيما هناك بعض المتغيرات خاضعة لعدة عوامل كالتطور التكنولوجي والثقافة العامة وغيرها يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار. نموذج مختلف وينصح الخبراء لتفادي تقليد الأبناء للصرعات والتقليعات الغريبة والتي لا تناسب مجتمعاتنا بتقديم نماذج ايجابية لهم؛ ابتداء من كون الأب والأم النماذج الأولى التي تقع عين الأبناء والبنات عليهم ليقلدوهم بشكل مباشر أو غير مباشر، ويشير "د.خالد الغامدي" إلى أنّ الأبناء يحتكون بالأصدقاء وزملاء المدرسة إضافة لتفتحهم على الثقافات المختلفة عبر وسائل الاتصال وعالم الفضاء المفتوح وهو ما يجعلهم في وسط محيط مليء بالنماذج المؤثرة والتي قد يؤثر بعضها عليهم ليقلدوها، وبالتالي يواجهون بعض المشاكل مع أسرهم في حال كان التقليد لشخصية غير محببه للوالدين، فيما قد يخضع الأبناء لتوجيهات والدهم بدون اقتناع ما يجعلهم يعيشون بين زملائهم وأصدقائهم كالغرباء او المتخلفين عن زمانهم، حيث ينصح خبراء التربية مسك العصا من المنتصف، مع التأكيد على عدم التشدد في بعض الأمور التي بالإمكان التجاوز عنها أو إصلاحها بطرق بسيطة فيما لا يحبذ التهاون مع الأمور الواضح عدم صحتها من جانب شرعي والتي نزل فيها أحكام شرعية تنهى عنها. التقارب والتباعد وأكد "د.الغامدي" على صحة المقولة بأن الشارع ووسائل الاتصال والفضائيات تؤثر على تربية الأبناء، ليس لأنها أقوى من تأثير الوالدين، بل بسبب وجود فجوة وتباعد بين الأبناء وآبائهم، الذين غفلوا عن دورهم التربوي ما جعل العوامل المختلفة والمؤثرة تأخذ دورهم بشكل تلقائي، وهو ما جعل البعض يخشون من هذه العوامل ويحاولون إلغاءها وإبعادها عن أبنائهم؛ إلاّ أنّ محاولاتهم تفشل بسبب بسيط هو استحالة فكرة الإلغاء التام لكل ما هو حديث إضافة لعدم تقرب الوالدين لأبنائهم ، باستخدام (قانون الإزاحة والفراغ) والتي من خلالها يتم التأكد من وجود وتأثير احدهم في حياه الأبناء. تدخل الوالدين المتأخر وعادة ما يتدخل الآباء والأمهات في حياة أبنائهم عند بروز مشكلة ما، فيما قليلا منهم يعملون على الوقاية من حدوث أي مشكلة، وذلك بالمجالسة والتوجيه المناسب لاختيار البيئة المناسبة للأصدقاء خصوصا في فترة المراهقة والتي تتسم بالأهمية القصوى نظرا لكونها المرحلة التي تتشكل بها الشخصية، والتي عرفها "د.الغامدي" بمرحلة (أزمة تشكيل الهوية) وتمتاز بكثرة التجارب التي يقوم بها الأبناء ما يدعو لضرورة التدخل والتقرب منهم لتقديم النصح والإرشاد لهم بطريقة خفيفة لا تحتوي على أسلوب الضغط والعصبية وهو ما يساعد على تنشئة الأبناء في بيئة صحيحة تخلو من الصراعات النفسية. د.أحمد الكويتي أساليب مرفوضة ورفض المشرف العام على العلاقات العامة بجامعة الدمام "د.أحمد الكويتي" استخدام بعض أولياء الأمور لأسلوب الغضب والعصبية والتي يعرفها البعض ب"العين الحمراء" مع أبنائهم، واصفاً ذلك بالأسلوب القديم غير المجدي مع تغيرات هذا الوقت، والذي قد يخلق فجوة كبيرة بين الآباء وأبنائهم إضافة لخلق حالة من التوتر لدى جميع أفراد العائلة، مشيراً إلى أن العائلة في حقب زمنية سابقة كانت متماسكة أكثر من الوقت الحالي وذلك لأسباب عديدة وهو ما يدعو لضرورة ان تتدخل أكثر من جهة لمعالجة هذا التفكك، وكذلك لا يجب علينا ان نتغنى بالماضي وترك الحاضر، بل يفضل أن نستفيد من ارثنا القديم المليء بالقيم والأخلاقيات التي لا تموت والعمل على تطويرها لتتعايش مع جيل أبنائنا ليستفيدوا منها وفق التطورات التي يعيشونها. الملابس الغريبة تثير حفيظة الآباء