تطلع علينا الصحف اليومية في بعض الأحيان بمقالات تتحدث عن العمالة المنزلية ولكن بمتابعة ما كتب في تلك الصحف نجد أن أغلبها يتمحور حول هروب العمالة المنزلية و ما يترتب عليها من تكاليف مالية يتحملها المواطن أو حالات العنف التي تتعرض لها العاملات المنزليات من كفلائهم ( وبعضها إدعاء كاذب ) و بعض الجرائم التي ترتكبها العاملات المنزليات نحو الأطفال أو نحو كفلائهم و كذلك حالات التحرش الجنسي ... إلخ تلك المقالات. ولكن لم نجد أبدا في تلك المقالات أو التقارير الإخبارية مايحدد العلاقة النظامية بين العمالة المنزلية وبين الكفلاء وهل تعتبر العمالة المنزلية خاضعة لنظام العمل أم تعتبر خاضعة لنظام آخر و من هي الجهة المخولة للنظر في تلك القضايا و أعني بذلك الحقوق و الواجبات بين الطرفين و ليس بذلك النواحي الجنائية التي تختص بها الجهات التنفيذية و المحاكم الشرعية حيث أن ذلك الجانب ( الحقوق و الواجبات ) لم يأخذ حق من الدراسة أو التحليل أو النقاش وسوف أحاول في هذا المقال أن أسلط الضوء على هذا الجانب الهام و المهمل في نفس الوقت . أولا : العمالة المنزلية في نظام العمل : بالإطلاع على نظام العمل بنسخته القديمة نجد أن المادة ( 3 ) تستثني خدم المنازل و من في حكمهم من تطبيق أحكام نظام العمل الفقرة ( ج ) ولكن نجد أن هناك في البند ( 3 ) من المادة (49) فقرة تنص على "ويقصد بكلمة ( العمل ) في هذه المادة كل عمل صناعي أو تجاري أو زراعي أو مالي أو غيره بما فيها الخدمة المنزلية" وبذلك أصبح هناك تناقض بين ما جاءت المادة الثالثة الفقرة ( ج ) و بين ما جاءت به المادة (49) من النظام وكذلك نظام العمل في نسخته الجديدة حيث أيضا استثنى خدم المنازل و من في حكمهم وذلك في نفس المادة السابعة الفقرة ( 2 ) ولكن عاد في اخر المادة و أوضح ما نصه "تقوم وزارة العمل بالتنسيق مع الجهات المختصة بوضع لائحة خاصة لخدم المنازل و من في حكمهم مع مستخدميهم و نحدد حقوق و واجبات كل طرف منهم و ترفع لمجلس الوزاراء" انتهى . و كذلك كما جاء النظام القديم جاء النظام الجديد في المادة الثالثة والثلاثون عند تفسير العمل و أدخل فيها العمالة المنزلية و أصبحنا هنا في الحقيقة أمام إشكالية قانونية أو نظامية فمن باب هناك استثناء لتطبيق أحكام النظام من حيث الحقوق و الواجبات لخدم المنازل و من في حكمهم و في نفس الوقت في مادة أخرى أوضح أن العمل في الخدمة المنزلية لابد منها في الحصول على تصريح بالعمل يصدر من وزارة العمل و أصبح هناك غموض في تفسير ذلك الأمر حيث أن مكاتب العمل حتى هذه اللحظة لا تقبل أي قضية من خدم المنازل و من في حكمهم ضد كفلائهم حال المطالبة بحقوقهم و كذلك نجد أن الجهات التنفيذية مثل الشرطة لا تقبل أمثال هذه القضايا بالعمالة المنزلية ( الغير جنائية ) بدعوى عدم الأختصاص . كما أن وزارة العمل لم تقم حتى تاريخه بإعداد اللائحة التي تنص عليها النظام بالرغم من مرور حوال ستة سنوات على صدور النظام الجديد. و في رأي الشخصي أنه حتى حال صدور اللائحة المنظمة لعمل خدم المنازل و من في حكمهم فأنه يصعب تطبيقها نظرا لحساسية الامر و خاصة أن عمل خدم المنازل ومن في حكمهم ليس في مكان عام و إنما داخل البيوت و قد يكون الكفلاء من النساء كبيرات السن أو المرضى الذين يصعب إحضارهم إلى مكاتب العمل للنظر في الدعوى القضائية و صعوبة البلا غ للأطراف المختلفة و خاصة و أن مكاتب العمل و الهيئات العمالية مثقلة بالقضايا العمالية الخاصة القطاع الخاص و الشكوى من طول إجراءات الدعوى والتي تستغرق أشهر طويلة حتى يتم البت فيها . كذلك هناك اشكالية أخرى قد تؤخر صدور هذه اللائحة وقد لا تصدر ابدا وهو هل سوف يتم تحديد ساعات عمل مثلا ثمان ساعات أو عشر ساعات في اليوم ؟ و هل سيكون هناك اجازه أسبوعية ؟ و هل يسمح لها بحرية الذهاب و العودة إلى اي مكان ؟ و غيرها من الإعتبارات الحساسة التي لا مجال لمناقشتها في هذه العجالة و التي لابد أن يقف امامها معد اللائحة حائرا نظرا لثقافة مجتمعنا و ثقافة الاخرين ( أحد الخلافات الرئيسية مع الدول المصدرة للعمالة المنزلية هذه النقاط الموضحة أعلاه ) إذن نأتي إلى السؤال الجوهري و الأساسي ماهو المخرج من هذه الإشكالية القانونية أو النظامية التي تفرضنا و لذلك فإنني من وجهة نظري الشخصية أرى للخروج من هذه الإشكالية الإقتراح الاتي : آولا : أن يتم الإستناد إلى المادة السابعة من نظام العمل الفقرة (2) و هي إستثناء خدم المنازل و من في حكمهم من تطبيق أحكام هذا النظام حيث أن نظام العمل صادر بموجب مرسوم ملكى كريم رقم (2|51) و تاريخ 23|8|1426ه و بالتالي فإن أي تعديل أو شطب لابد أن يكون بمرسوم ملكي كريم. أيضا ولذلك يتم رفع اقتراح من وزارة العمل بشطب الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة و الثلاثون و خاصة فيما يقصد بكلمة العمل و من ضمنها " الخدمة المنزلية " و في هذه الحالة تخرج وزارة العمل من تلك الإشكالية النظامية . و لكن سوف يثار سؤال اخر بالطبع إذن من هي الجهة المسؤولة للنظر في القضايا الحقوقية الخاصة بخدم المنازل و من في حكمهم و الإجابة على ذلك هو ببساطة: نفس الجهات التي تقوم حاليا بالنظر في القضايا الخاصة بالخدم و هي الجهات التنفيذية مثل الشرطة أو المحاكم الشرعية . أيضا هناك مسألة غاية في الأهمية تترتب على ذلك و هي في حالة تخلي وزارة العمل عن النظر في قضايا العمالة المنزلية و استثنائها من تطبيق أحكام نظام العمل فبالتالي لابد أن تتخلص عن إصدار تأشيرات العمالة المنزلية و تسند إلى جهة أخرى و لذلك أرى من وجهة نظري الشخصية أن تعود عملية إصدار التأشيرات المنزلية إلى الوزارة الدخلية كما كانت في السابق عن طريق مكاتب استقدام الداخلية و بالتالي يتم حل هذه الاشكاليات من كل جوانبها. هذا و بالله التوفيق مدير مكتب العمل و العمال في منطقة جدة سابقا