أصبحت السعودية ومؤسساتها تتصدر القوائم في تقارير عالمية مجهولة المصدر, بعضها يقول إن جامعاتها بدأت تزاحم هارفارد وأوكسفورد كتفاً لكتف, حتى أن جامعة نجران ذات السنوات القلائل تتصدر الجامعات السعودية والعربية في تصنيف اسباني وبالطبع لم تجرؤ الجامعة من قريب أو بعيد أن تذكر أن التصنيف يقيس فقط انشغال موقع الجامعة الإلكتروني, ولو كنت مكانهم لترجمت هذا التصنيف بضياع الطلاب بين ردهات الموقع المتواضع والمتشعب. تقارير أخرى رسمت لنا أن مستشفياتنا هي الأفضل والأجود والأكثر تنظيماً, تقارير غريبة عجيبة تجعلنا نفتح عيوننا بدهشة عارمة ولسان حالنا يقول "إنتوا من جدكم؟" قد نمرر تلك التقارير على مضض برغم من فداحتها وكذبها, فلا جامعاتنا ولا مستشفياتنا تصل إلى مستوى الطموح المحلي فما بالكم بالمستوى العالمي. ولكن الكارثة أن يقول تقرير إن السعوديين هم الثاني عربياً والسادس والعشرين عالمياً في السعادة مقارنة بشعوب الأرض. لحظة, دعونا نعيد رسم المشهد, السعودي عادة, يمضي نصف شبابه يبحث عن عمل, إن كان محظوظاً جداً ووجد عمل تنهال عليه ضغوط القروض والأقساط من اليوم الأول في عمله, سيمضي نصف عمره المهني يؤسس عش الزوجية, والنصف الآخر لبنائه بالطبع لو كان محظوظاً وحصل على منحة أرض. هذا في حال أن أحلامه تقليدية, لو مثلاً قرر أن يشتري سيارة أحلامه فعليه أن يودع فتاتها, ولو أراد أن يرى العالم فعليه أن ينسى الاثنتين معاً. حسناً دعونا لا نكون متشائمين, لنفترض أن سعودياً ميسور الحال ويملك بيتاً وسيارة ومتزوجاً من فتاة أحلامه, أراد أن يخرج مع زوجته كي يستمتع بنزهة بسيطة, لو ذهب للبحر لن يجد مكاناً, ولو قرر أن يمضي وقته بالتجوال بالسيارة ستتكسر سيارته في طرقاتنا المتهالكة, ولو أراد الذهاب إلى مركز تسوق فلن يجد خصوصيته مع زوجته, ولو ذهب إلى البر فليس له إلا شهر واحد في السنة يكون فيه الجو يمكن أن يقال عنه مناسب. أي سعادة يا سيد التي تتكلم عنها, نعم أحدثك أنت يا من خرج لنا بهذا التقرير, بعض السعوديين لا يجدون الخبز فلا تتهمهم بأكل البسكويت!.