حساسية المرحلة التي يعيشها الوطن العربي اليوم تفرض علينا انتهاج فكرة المبادرة بالإصلاح في كل أمر يهم المواطن في شتى المجالات والتي من أهمها أوضاع الجامعات لدينا باعتبارها الحاضن الأكبر لطاقات الوطن ومستقبله والتي تلقي على عاتق المسؤولين عن هذا القطاع الحيوي وعلى رأسهم وزير التعليم العالي مسؤولية إعادة النظر في مختلف الأنماط والوسائل الإدارية التي لا زالت تدار بها شاملة التوظيف والأداء الوظيفي والميزانيات والمشاريع وغيرها.. ليس شرطاً أن يكون الداعي لذلك تكذيب مزاعم أو تفنيد ادعاءات، إنما من باب التطوير.. أو من باب الاطمئنان على سلامة وصحة هذه المرافق الحيوية والحساسة من أيادي الفساد والعبث، إذ ليس من الحكمة أن تظل الأمور هكذا.. قيد العاطفة ومرهونة بالأحداث والمواقف الحرجة سيما في هذا الوقت الذي نحن في أشد الحاجة فيه لحلول العقل والمنطق ومعايير الجودة الشمولية والدراسات الآنية والمستقبلية مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الاستفادة من تجارب الدول الأخرى. التعليم الجامعي يحتاج لتحرك استقصائي نزيه يحرص على نماء ورقي هذا البلد ينفذ إلى كل مكتب وكل دُرْج وكل ملف وكل ورقة داخل أروقة الجامعات.. وبالطبع.. في إهاب الدراية والخبرة والموضوعية والمهنية الرصينة (سواء في الشؤون الإدارية أو في الشؤون المالية) لتكتسب المساعي ميزة الاستقصاء العلمي المحكم، والتي من خلالها تستخلص النتائج بحرفية ودقة عاليتين من دون أن تترك خلفها أدنى فرصة للشك والريبة. ويجدر بي التنويه لأمر هام – هذا إذا قبلت وزارة التعليم العالي بفكرة إصلاح وتطوير جهاز التعليم الجامعي الذي أشرت له في ثنايا هذا المقال – أن يتولى المهمة لجنة من الكوادر المشهود لها بالنزاهة تربأ بنفسها عن الانزلاق في منحدر المحسوبيات ولعبة المصالح ولعبة المعارف والصداقات الممجوجة، أو الوقوع في فخ تصفية الحسابات، والنزول إلىى مهاوي الثأريات ذات الطابع الشخصي الضيق المقوضة لأركان المصداقية والعدل أينما حلت، فالتعليم الجامعي اليوم في السعودية بات تحت المجاهر الإعلامية من الداخل والخارج، وفكرة النهوض بالتعليم الجامعي وتطويره من شأنه لجم تلك الأفواه المتربصة وإخراس كل مساعي التضليل والاصطياد في الماء العكر، كما أنه الإجراء الأسلم في زمننا اليوم الذي باتت التقلبات والمفاجآت سمته الدائمة، ما يجعل من المهمة بالغة في التعقيد. لكنها مع الصبر والإصرار واستشراف المستقبل الآمن للوطن والمواطن ستغدو بإذن الله سهلة ويسيرة. @abdurahmanshhri [email protected]