يقولون أن الجميع يعرف ما ينبغي على الآخرين فعله ولكن أحدا لا يعلم ما يجب عليه أن يفعل. اسمحوا لي إذا أن أمتنع عن تقديم رأيي في ما علينا أن نقوم به ، وأن أدَعَكُم تسترخون، تقرؤون على مهل وتستمعون لقصة حاولتْ أن تُمْعِن في التمَعّنِ في عالم بلا معنى.حاولت أن ألمح الحدود التي تفصل وطني عن بلدان “الآخر” أو أن أبحث عن الفرق بين خالاتي العراقيات وأعمامي التونسيين أو أن أمسك الخيط الرفيع الذي يفصل بين أمّ وأمّة. كل ما وجدته أن حضن وطني يتجاوز الخطوط الواهية وأن أهلي ممتدّون من المحيط إلى الخليج وأن قدري أن أكون عربية في رعب عالم يعرب في كل لحظة عن فوزه بإنجاز أو اختراع أو اكتشاف أو معرفة أو مشروع أو إدارة أو إرادة، وثلاث نقط على محكّ قلمي تتسارع لتنزل على الورقة.لكنّ ما وجدته لم يضف عليّ معنى بل دوخّني في دائرة مفرغة سلبت البقية الباقية منه. احترت وتسارعت في زوبعة إعصار تجرفني خارج الورقة وخارج زمن بطوليّ لم أكن فيه البطلة وخارج أساطير عربية عن آلاف الليالي والقصص، في دائرة مغلقة تدور فيها المبادرات الاجتماعية بلا منفذ خارجها ولا موقع داخلها، خارج رسوماتي لخرائط أحلم بها بالأبيض والأسود ولا ألوّنها، لأن وطني واحد بلا ألوان، أو لأنني أضعت محفظة أقلامي الملونة. ولأنني لم أستطع أن ألوّن، انتزعت نفسي من الدوران ومسكت القلم لأكتب..كتبت عن سرعة معلومة تولد دون مخاض وتخرج دون ألم وتصل دون إعجاز وتُتبَنّى دون مشقة وتُربَّى دون تعب وتكبر دون عناء وتنجح دون وسيط وتتحدّى بكل هذا وذاك كائنا عربيا يعجز أن يعيش بالسرعة الكافية لمواكبتها ويجزم أنه لا بأس في ذلك.. فكل شيء يسير على ما يرام.توقفتُ، تأمّلتُ، تألّمتُ، ملِلتُ، تململتُ وأملتُ أن أفهم أن دَوْري ليس الدوران مع البقية أو رسم دوائر جديدة، بل أن أرسم مستقبلي وأنا أكتب واقعي لأصنع معنى.والآن وأنا أسأل السؤال “ما هو دَوري؟” أدركُ أني مذ ولدت وأنا أتعلم الإجابة الصحيحة دون أن أجد الأسئلة أو الإجابات المختلفة العديدة الصحيحة. حصّتي من دور العرب في رسم مستقبلنا تكاد تبدأ..وصحّة السؤال عن دور العرب يمكِن أن تُقرأ.. لا من جدواه، بل من مدى معناه.