نحن في مفترق طرقٍ تاريخيٍ خطير. يجب ألّا تَلتبس فيه الأمور. فَتَداخلُها قد يُشوّشُ أذهانَ الشعوب الباحثة عن إجابةٍ شافية لسؤالها الحياتي :(كيف نُحكَمْ).؟. واقع المملكة أن طرفا الإجابة (جناحان)، علينا التفريقُ بينهما لإعطاء كُلٍ حقَّهُ من الصواب أو الخطأ. إنهما (الحُكْمُ) و (الحكومة). و لْنشرح الفرقَ :(الحُكْمُ) هو الأُسرةُ المتوارِثةُ له بَيْعةً. أما (الحكومةُ) فهي مجموعةُ الموظفين الذين يتغيرون و يتداولون، من كبارِهِم (الوزراء الأعوانُ و المستشارون) إلى وسطِ السلّمِ الوظيفيِ الحكومي. و لما كان الجناحان (بَشَراً) يُصيبُ و يُخطئُ عمداً و سهواً، فما يميّزهما عن بعضهما أن الآولَ (مستمر) و الثاني (متغيّر). الأولُ (قادرٌ) أن يُصحح آخطاءَ الثاني، و لو باستبداله. و العكسُ لا يَصِح. (أخطاءُ الثاني) في الغالبِ الأعمِّ (أكثر)، لإتساعِ دائرتِه و هوى أصحابه و حرصِهِم إغتنامَ فُرصٍ لا تتكرر. و (حسناتُه) يفعلُها تَقَرباً للأول أكثر من كَوْنِها مصلحةً عامة. بينما (حسناتُ الأول) هدفُها دوماً مصالح عامةِ الناس، لا خاصّتِهِم. حبُّ الشعبِ و تَعلُّقُه دائماً (بالحُكْم) لا (الحكومة). فله مع الأول بَيْعةٌ و ثِقَةٌ و مائةُ عام. و له مع الثاني مآخذُ و ضَيْمٌ و تَضْييع. لا يَحتجِبُ الأولُ عن الناس. بل هو، كباراً و صغاراً، بينهم، وهم في مجالسِه. أما الثاني فكثيراً ما تُسكِره السُّلطةُ و يُصيبه الكرسيُ بالدوار و عدم التوازن. مَكْمَنُ المُشكل دائماً أن الثاني هو (الطريقُ) إلى الأول. طريقُ المعلومةِ و العرضِ و التخطيط. فإن نَكَص الثاني في جُزئِيّةٍ منها تأثّر قرار الأول الذي يَفتَرِضُ فيما يصلُه منه الدقةَ و الكفاءة. لكن يظل البشر بشراً، بنوازعهم و آفاقِهِم و عطائهم. لذا يكون إختيار الأولِ للثاني و متابعتُه (أدقَّ القرارات) في تحديد مستقبل الوطن. فالحبُ و الولاءُ (للحُكْمِ) رصيدٌ لا يَنفَد من وجدانِ الشعب. و (الحكومةُ) يجب أن تكون العوْنَ له..لا عليه. فَلْتَكُن كذلك حتى لا يكون التباس بين دوريْهِما و أدائهِما. Twitter@mmshibani