كانت مداهمة السلطات المصرية لمقرات 17 منظمة حقوقية مثار استهجان و استغراب. فالاستهجان كون هدف هذا النوع من المنظمات هو تنمية الوعي الحقوقي و الدفاع عن المضيّعِ منها. و الاستغراب أن يُتهم من يحمل شعار الشفافية و القانون بمخالفتهما و تلقي تمويلات خارجية. لكن التفتيش تم بإجراءات قضائية لا تتم عادةً إلا بعد التيقّن من قرائن تؤكد الشبهات و تُنبّه لمخاطر جسيمة. يقول (بوب وودوارد) أحد أوثق الصحفيين الأمريكيين في متابعة الشؤون الدولية :(إن البوابة الأوثق دائماً لإدخال التمويلات الامريكية أي دولة هي المنظمات غير الحكومية من حقوقية أو اجتماعية أو تأهيلية لبرامج الديمقراطية القادمة. فعبرها يتسنى تجنيد الأفراد و الجهات لخدمة أجندة محددة بغطاء قانوني محبب للناس). في ضوء هذا التوصيف نفهم انزعاج واشنطن البالغ من التفتيش، حتى اتصل وزير دفاعها (بانيتا) بالمشير طنطاوي طالباً وقف المداهمات (و إعادة المعدات التي صودرت من المقرات). و قبله تدخلت الخارجية الامريكية، إضافةً لسفيرتها بالقاهرة التي قالت :(أبلغتُهم بحزم أننا نأمل أن تعاود كلُ المنظمات بمافيها التي تتلقى دعماً من حكومتنا عملَها الطبيعي في أسرع وقت دعماً للانتقال الديمقراطي بمصر). هذا التحرك الامريكي (تشويهٌ) للمنظمات الحقوقية، ليس في مصر وحدها بل في غيرها أيضاً. لأنه يكشف أدواراً لم يكن يُظَنّ أنها تقوم بها. لكنها سياسة (كاد المريب أن يقول خذوني). Twitter: @mmshibani