لا أدري لماذا أجدني أربط بين الدراما التركية وقهوتهم المفرطة في السواد؟ فالقهوة التركية تمتاز علاوة على نكهتها الزكية طعمها الأخاذ، لكنها غير صحية لاسيما على مدمنيها الذين يفرطون في شربها الليل مع النهار، ودراما الأتراك ليست أفضل حالاً من قهوتهم.. لاسيما بعد أن طغت على تركيا الطابع الأوروبي والنزعة التحررية التي قفزت بكثير من القيم من دائرة (التابو) إلى الدوائر الشرعية، والتي لا يدرك كنهها كثير من الناس في المجتمعات العربية. فعلى سبيل المثال؛ ما نراه من تضمين تلك الأعمال الدرامية لفكرة المطارحة الجنسية والإنجاب دونما غطاء شرعي يشاكل ما نحاول غرسه في أذهان أبنائنا وبناتنا ويصيب أخلاق الشباب العربي بجنسيه في مقتل!! صحيح أنها ليست مصورة وليست معلنة، لكن البنية القصّية وسيرورة العمل الدرامي بشكلها العام توحي بذلك.. بل إنها توجه المشاهد إلى أن هذا العمل طبيعي جداً ومن أبسط حقوق المتحابين.. العُقدة هنا ليست في الفكرة المعروضة في المسلسل، فربما أن الأفلام والمسلسلات الغربية تعرض ما هو أشد حُرمة من ذلك وأكثر تحرراً، إنما في كون تركيا بلد مسلم!! يفترض بأن مفاهيم مجتمعه وقيمه لا تختلف عما لدينا. ولأن كل ما يعرض في القنوات العربية من أفلام ومسلسلات وبرامج لا تحمل تصنيفاً عُمرياً (مدخلين شعبان على رمضان)، فإن مثل هذه النوعية من الأعمال سيشاهدها الأطفال من سنة (وانت طالع)، فماذا بالله سنقول لفتاة الرابعة عشرة حينما ترى بطلتها المفضلة وقدوتها المبجلة تمارس المحظور بدعوى الحب!! أنقول (كفّار)؟؟ طيب تركيا بلد مسلم!!.. أم نقول إنها تقوم بتمثيل دور الفتاة الفاجرة؟؟ لكن القصة لا توحي بفجورها!! بل تظهرها في منتهى الذوق والأدب!! لا شك أن هذا من الإرباك المجتمعي فهل يا ترى يعي مالكو تلك القنوات خطورة هذا الإرباك؟. هذا مثال واحد من عشرات الأمثلة لما تتضمنه الدراما التركية من مفاهيم لا تمت بذات صلة مع مفاهيمنا والتي ستخلق الكثير من الخلخلة في البنية الفكرية للناشئة إذا ما استمرت الأخيرة في ارتشاف هذه القهوة الفنجان تلو الفنجان. (وبعدين من شوبتشكي القهوة العربية؟).