يبدو أن الأسبوع الحالي شهد أول إشارات انتقال إسرائيل، في ما يتعلق بالسياسة الواجب إتباعها إزاء "الربيع العربي"، من حالة التخبط التي كانت مسيطرة عليها حتى الآن، إلى حالة التهديد بكبح المخاطر التي تعتقد أنها سوف تترتب عليه، نتيجة وقوع زعمائها تحت وطأة الاستحواذ الإسلامي القديم- الجديد. فرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو شدّد، في سياق الخطاب الذي ألقاه في افتتاح الدورة الشتوية للكنيست، على تفاقم التطرّف الديني، واحتمال أن يبدّد جميع الآمال التي عُلقت على هذا "الربيع"، معتبراً أن نتائج الانتخابات في تونس تعكس جوهر التغيرات الإقليمية المرتقبة. ووزير الدفاع إيهود باراك قال، في سياق مداولات بشأن حجم الموازنة الأمنية الإسرائيلية، إن ما حدث في الشرق الأوسط أخيرًا "يوصل إلى استنتاج وحيد فحواه أنه يمكن أن تنشأ أوضاع تكون إسرائيل فيها مضطرة إلى الدفاع عن مصالحها بمفردها، من دون أن تعتمد على قوى إقليمية أو أخرى لتقديم مساعدات لها"، مشدداً على أن التحديات الأمنية الأخطر التي تواجهها إسرائيل حالياً كامنة في "حماس" والجهاد، و"حزب الله"، والخطر النووي الإيراني. وهو ما اعتبر تلميحاً صريحاً إلى احتمال شن هجوم عسكري على إيران. ورئيس هيئة الأركان العامة بيني غانتس أشار، في كلمة ألقاها في مؤتمر "الطاقم العملاني للجيش الإسرائيلي"، إلى أن احتمالات تفاقم المخاطر التي تهدّد إسرائيل أصبحت في الآونة الأخيرة تفوق احتمالات الفرص الماثلة أمامها، وذلك بسبب آخر تطورات "الربيع"، والتي تضع برأيه مزيداً من التحديات الصعبة أمام الجيش. وبينما قال نتنياهو إن إسرائيل بحاجة أكثر شيء إلى القوة والمسؤولية، ومواصلة تعزيز قدراتها في جميع المجالات الأمنية لتقديم الحلول للتحديات والتهديدات الجديدة التي تجابهها، فإن غانتس لفت إلى ضرورة تنمية القدرة العسكرية على مواجهة التغيرات التي تمليها التحديات الجديدة، عبر تجنب الوقوع في أسر مفهوم معين، وملاءمة الجيش للتغيرات الإقليمية، لافتاً إلى أن الجيش ملزم أن يكون مستعداً وجاهزاً كل يوم وكل ساعة، من مستوى الجندي إلى مستوى رئيس هيئة الأركان، كما لو أن الحرب المقبلة ستنشب غداً. ومعروف أن الاستحواذ الإسلامي في إسرائيل مرتبط أكثر شيء بإيران ونظامها، لذا لم يكن من قبيل المصادفة أن الموضوع الإيراني بات منذ أكثر من أسبوع يحتل مركز الجدل الإسرائيلي العام، خصوصاً في ضوء تقديرات متطابقة مؤداها أن نتنياهو عاد إلى منصب رئيس الحكومة كي ينجز قضية وحيدة تشغله هي كبح الخطر النووي الإيراني، وأن باراك متساوق معه بهذا الشأن.