لا تنتظر أدوارك من الحياة بل خذها أنت من الحياة, فلا يعرفك أحد مثل معرفتك بنفسك, ليست القضية في (أين أنت ذاهب؟), بل القضية (أين تريد أن تذهب؟), لماذا لا نعترف بشخصياتنا ميولاتنا ورغباتنا حتى لو كانت مخجلة, حقاً لماذا نخجل أصلاً؟, لماذا يخجل البعض عندما يقول إن تخصصه الجامعي علوم فنية أو تربية بدنية, ليس المهم ماذا يفعل لك التخصص (من مال ومكانة إجتماعية وغيرها), بل ماذا ستفعل أنت في التخصص ( من أفكار جديدة وبحوث مثرية وإبداع فريد), السر يكمن في الإبداع, لا تتوقع أن يبدع الإنسان في عمله وهو لا ينتمي إليه شعوراً وتفكيراً, وكما هو معروف أن التخصص هو شكل الوظيفة - وان اختلفت مسمياتها او تطبيقاتها يبقى التخصص هو العمل - ولا يمكن أن يكون الإنسان متميزاً معطاءً بطاقته الكاملة في تخصص لا يحبه ولم يختره عن قناعة, وإن وجدنا من تميز في تخصص لا يحبه تأكد أنه سيكون قنبلة إبداعية لو كان في تخصص يحبه. أتحدث مع كثير من الطلاب المقبلين على الجامعة أو بعض المبتعثين في الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث الدراسة, فأجد الكثير من الطلاب يدرسون اللغة بلا بوصلة تحدد اتجاهه, مع ضبابية تامة عن مستقبله, ربما الشيء الذي يتفق عليه الكثير هو (أن أجد وظيفة تدر الكثير من المال).لكن لنسأل: وماذا بعد المال؟. المال كما نعلم هو وسيلة لتحقيق بعض الغايات والأهداف, إن كان هدفنا من التجارة هو جمع المال فقط فهذه مصيبة, لأنه ليس من السائغ أن نحول الوسيلة إلى هدف, ننسى به أهدافنا السامية وأدوارنا الرئيسة كمسلمين تجاه عالمنا الإسلامي, الذي يحتاج المتميزين في كل التخصصات, القضية هي أن تعيش في مكانك الصحيح وأن تعرف من أنت وماذا تريد, هناك الكثير من التخصصات التي قد لا توجد في جامعاتنا السعودية أو لا يدعمها سوق العمل في بلادنا لكنك قد تجد نفسك فيها, لا تفكر في سوق العمل بقد ما تفكر في نفسك ومكانك من هذا التخصص, قد تستطيع أن تصنع آلاف الوظائف من هذا التخصص بإبداعك ونجاحك, أتمنى أن أرى لجاناً في جامعاتنا السعودية تساعد الطلاب على اختيار التخصص المناسب, والتعرف على شخصياتم ودعمها, هناك الكثير من المبدعين السعوديين, لكنهم بحاجة لدعم المختصين ربما لكشف ذواتهم وتحديد مهاراتهم وميولاتهم أو مساعدتهم على ذلك كأقل تقدير, لم تعد آراء الوالدين والأقرباء وبعض الأصدقاء مجدية في حياة الطالب كما في السابق, فالعالم اليوم تغير والتحديات ازدادت, بل إن هذا النوع من الاستشارة قد تضر أكثر مما تنفع, ولابد أن نراعي بين برنا بوالدينا وأصدقائنا وبين مستقبلنا وتخصصاتنا, قرار تتخذه بلحظة يحدد تخصصك قد يقتلك في باقي حياتك, فاتخاذ القرار هنا حاسم ولابد من الاطلاع على التخصصات قبل اختيارها من خلال مواقع كليات الجامعات السعودية او من خلال الموسوعة الحرة ويكيبيديا, المهم ان تكون في المكان المناسب, وتذكر أن الاستشارة لا تكون إلا من الشخص المناسب, فلا يجوز أن أستشير عالم الفيزياء في مسألة جغرافية, برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي فرصة منحتها لنا الدولة ممثلة في وزارة التعليم العالي, وهذه الفرصة تتيح لك الدراسة في أرقى جامعات العالم, وفي كثير من التخصصات, فلم تعد دراسة التخصص المناسب مشكلة كبيرة كما في السابق, لكن التحدي الأكبر هو أن تنجح في تطبيق خططك وتكون في سباق مع الزمن لتقديم كل ما يسمح به نشاطك وإبداعك لتهديه إلى وطنك والأمة الإسلامية. طالب مبتعث [email protected]