حراك مسرحي مميز شهدته الساحة المحلية خلال الفترة القريبة الماضية، وكان من أبرز فعاليات هذا الحراك، مناسبتان هامتان، استطاع فيهما المسرح السعودي أن يتواجد بقوة، من خلال عروض مسرحية متنوعة، وأيضًا من خلال تكريم عدد من الرواد المسرحيين السعوديين. يوم المسرح ففي الرياض احتفل المسرحيون وبحضور رسمي مثّله وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر، بيوم المسرح العالمي 2010، وكان احتفالًا مميزًا حضره الكثير من المتخصصين المسرحيين من ممثلين ومؤلفين ومخرجين ونقاد. وألقى الدكتور الجاسر في هذه الاحتفالية كلمة جاءت معبّرة لطموحات أهل المسرح، فقد عبّر عن تفاؤله بمستقبل المسرح السعودي على الرغم من بعض العوائق التي تعترضه كالبنى التحتية والبرامج والجوائز التقديرية للعاملين في هذا المجال. وقال: الحراك المسرحي في المملكة يشهد تطورًا ملحوظًا يبشّر بالتفاؤل نحو قدوم مسرح سعودي ناضج، وهذا يجسّده ما شهدته الساحة الثقافية من تنامٍ للحركة المسرحية في المملكة خاصة خلال العامين الماضيين (2008- 2010) وهو ما يؤكد قدوم هذا الفن الرائد. وأضاف: إن تجاهل هذا الجهد هو تجنٍّ عليه، وكل من جمعية الثقافة والفنون وجمعية المسرحيين تحتاجان إلى مزيد من الدعم للمسرح، ولابد لوزارة الثقافة والإعلام من دعم الحركة المسرحية بشكل أكبر، ودعم جميع الجهات التي تقدم المسرح، وهو ما ستعمل عليه الوزارة ضمن أجندتها، مؤملًا أن يكون للمسرح السعودي وجه مشرق في المشاركات العربية والعالمية المستقبلية. ونوه الدكتور الجاسر بعمل جمعية الثقافة والفنون في مختلف فروعها على إعداد 15 عملًا مسرحيًا جديدًا، كما أشاد بما تقدمه أمانة الرياض من دعم للمسرح السعودي من خلال ما تقدمه الأمانة ضمن برامجها الترفيهية. في الاحتفالية باليوم العالمي للمسرح على مسرح مركز الملك فهد الثقافي بالرياض تم تقديم العديد من الفقرات الجميلة، حيث تضمن الحفل مشهدًا افتتاحيًا بعنوان «ساحرات ماكبث» من إخراج شادي عاشور وتمثيل علي الهويريني، ويزيد الخليفي، ومحمد باهذيلة، وعبدالعزيز الأحمد، وياسر عمار. كما قُدم مشهد آخر بعنوان «تيار» من إخراج خالد المريشد وتمثيل مبارك الحامد الذي جسّد من خلاله الصراع مع الموت. ثم قدم رئيس لجنة المسرح بالجمعية مدير الاحتفال رجاء العتيبي نبذة عن تاريخ اليوم العالمي للمسرح، وأشار إلى أن المسرحيين يحتفلون بهذا اليوم بصورة متزامنة مع العالم في يوم يعده المسرحيون جسرًا للتواصل بينهم. ثم قرأ المسرحي القدير إبراهيم الحمدان الذي اختارته الجمعية تقديرًا لمسيرته الطويلة في مجال المسرح؛ لقراءة رسالة اليوم العالمي للمسرح للعام 2010 التي كتبتها هذا العام البريطانية جودي دينيش وقام بترجمتها للعربية الناقد المسرحي عباس الحايك. وفي نهاية الاحتفالية كرّم وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر الفنانين والجهات الحكومية ووسائل الإعلام، نظير جهودهم في دعم الحركة المسرحية في المملكة إضافة إلى تكريم المشاركين والمنظمين للحفل. مسرح الجنادرية المناسبة المسرحية الثانية التي عاشتها الساحة المحلية، كانت من خلال مسرح مهرجان الجنادرية في دورته ال 25 هذا العام، وشهد المهرجان نشاطًا مسرحيًا مميزًا، كان أكثره تميزًا تقديم «مهرجان 12 ساعة مسرح دون انقطاع» في تظاهرة تعد الأولى من نوعها على مستوى المملكة، وتم خلالها تكريم 14 مسرحيًا من روّاد الحركة المسرحية في المملكة. وقد أقيم حفل خطابي بهذه المناسبة بدأ بكلمة للمكرمين قدمها الفنان علي الهويرني شكر فيها القائمين على هذا التكريم لهذه الكوكبة من النجوم الذين خدموا الحركة المسرحية في المملكة، ثم ألقى راشد الورثان كلمة المسرحيين مشيدًا فيها بهذه الخطوة التي أقدم علىها مسرح الجنادرية، وقال: إن الإبداع الحقيقي للمسرح السعودي هو التآخي والتآزر الذي يعيشه أبناء المسرح السعودي الذين لم يجدوا لحب الذات مكانًا لديهم. بعد ذلك بدأ التكريم بطريقة جديدة، حيث قدم مجموعة من الفنانين والمثقفين، المسرحيين المكرمين، فقدم أحمد الهذيل المكرّم الأول عبدالعزيز الحمّاد، ثم قدم الفنان مطرب فواز المكرّم الثاني أحمد السريع، وقدم سمعان العاني المكرّم الثالث عبدالرحمن الخطيب، وقدم الفنان علي إبراهيم المكرّم الرابع الفنان علي المدفع، وقدم الفنان محمد الكنهل المكرّم الخامس الفنان علي الهويرني، وقدم صالح أبو حينية المكرّم السادس عبدالعزيز السماعيل، وقدم الفنان راشد الورثان المكرّم السابع يوسف الخميس، وقدم مشعل الرشيد المكرّم الثامن صالح الزير، وقدم محمد السحيمي المكرّم التاسع المخرج عمر الجاسر، وقدم علي السعيد المكرّم العاشر سعد المسلم، وقدم سمعان العاني المكرّم الحادي عشر فهد الحوشاني، وقدم عبدالعزيز عسيري المكرّم الثاني عشر رجاء العتيبي، وقدم شادي عاشور المكرّم الثالث عشر محمد الزهراني، وقدم سامي الزهراني المكرّم الرابع عشر علي دعبوش. ولم تخل فقرات التقديم من القفشات الممتعة التي أبدع فيها بعض المقدمين للمكرّمين، وهو ما أضفى على هذه الفقرة المرح والفكاهة. بعد ذلك بدأت فعاليات «12 ساعة مسرح دون انقطاع» بمسرحية «الأكليل» والتي فاجأ مخرجها الجمهور عندما جعل المكرّمين على المسرح فيما كان العرض على كراسي الصفوف الأمامية للمسرح، مستخدمًا أسلوب المسرح اليوناني. كما قدم فرع جمعية جدة مسرحية «الانتظار» التي استخدم مخرجها عثمان فلاتة أسلوب «مسرح الشارع» وذلك بعرضه للمسرحية أمام بوابة مسرح الريان؛ لتتواصل العروض المسرحية بمسرحية «الناس والحبال» لجمعية نجران وفيها أبدع مخرجها سلطان الغامدي في إثارة الأسئلة من الحبال التي استخدمها؛ لينتقل الجمهور بعد ذلك إلى مسرح مدارس التربية النموذجية لمشاهدة مسرحية «عندما يتمرد» لفرع جمعية الدمام، ثم اختتمت السهرة مسرحية «البندقية» التي قدمتها فرقة الأحساء بعد أن عاش الجمهور يومًا مسرحيًا رائعًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.