ظاهرة إحراق المساجد وإحراق القرآن الكريم تتكرر في الضفة الغربيةالمحتلة، وفي الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 48. الإحراق ظاهرة وليس حدثًا فرديًا منعزلاً. الإحراق يقوم به المستوطنون وغلاة اليمين الصهيوني المتطرف. الإحراق يسير وفق خطط وبرنامج متفق عليه في دوائر تستهدف إخلاء فلسطينالمحتلة من الإسلام ومن العرب. يهودية الشعب ويهودية الدولة في (إسرائيل) تمر بإحراق المساجد، والتضييق على العرب ودفعهم إلى الهجرة، ووفق تأجيرهم شققًا سكنية في الأحياء اليهودية. يهودية الدولة تعني التطهير العرقي، وتعني التمييز العنصري، وهما أمران أشار إليهما محمود عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. التطهير العرقي والعنصرية معركة ممتدة بدأت في عام 48 ومازالت قائمة ومشتعلة حتى الآن. ومن مقتضيات هذه المعركة ومظاهرها المؤلمة إحراق المساجد وما فيها من مصاحف. آخر عمليات إحراق للمساجد كانت بإحراق مسجد (النور) في بلدة (طوبا الزمغرية) في الجليل وفي هذا الحدث المؤلم يقول الشيخ كمال الخطيب: "لا يمكن فصل حرق مسجد النور في طوبا عن حرق مسجد (إبطن) قبل سنوات، أو عن وضع قنبلة في مسجد (الحاج عبد الله) في حي (الحليصة) بحيفا، أو عن محاولة حرق مسجد (حسن بيت ضيافة)، أو عن إلقاء رأس خنزير فيه، أو عن إيقاع أذى بمقابر المسلمين أو تجريفها وإقامة متنزهات توراتية في مكانها". نحن ندرك أن (إسرائيل) كدولة احتلت فلسطين في عام 48 حيث كانت فلسطين يومها دارًا للإسلام وللمسلمين وهي تمتلئ بالمساجد الكبيرة والمتوسطة والصغيرة فقد قامت دولة الاحتلال بهدم بعضها، وتحويل بعضها الآخر إلى كُنُس أو ضمها إلى دار الآثار بعد تحويلها إلى متاحف أو إغلاق بعضها الآخر والروايات في هذا الموضوع المؤلم كثيرةٌ وتثير الأحزان، إن عمليات الهدم والتحويل والإغلاق لم تكن أعمالاً فردية، وإنما كانت سياسة دولة وبرامج أحزاب مشاركة في الحكومة. نحن اليوم في حلقة جديدة من حلقات ممتدة في الزمن وفي المكان الفلسطيني من أجل اجتثاث الإسلام والمساجد الدالة على وجوده القديم في الأراضي المباركة. مسجد النور في طوبا ليس هو الأول، ولن يكون الأخير لا في أرض 48 ولا في أرض الضفة الغربية، وهو جزء من سياق عام ينبه إليه بمناسبة حرق مسجد النور ومن ثم يجدر بالعرب والمسلمين أن يجدوا طريقًا مجديا للتعامل مع هذه الظاهرة التي تستهدف ما تبقى من الإسلام والمساجد في الأراضي المحتلة. نحن نشكر لجامعة الدول العربية استنكارها وشجبها. ونشكر لمنظمة التعاون الإسلامي شجبها واستنكارها. ونشكر لمنظمة اليونسكو موقفها. ولكن المطلوب من مؤسسات العرب والمسلمين شيء أكبر من الاستنكار ومن الشجب. المطلوب برنامج عمل، واستراتيجية مواجهة وهذه المؤسسات العربية والإسلامية قادرة بالتعاون مع الفلسطينيين على فعل عمل مجدٍ في مواجهة التطهير العرقي والعنصرية وإحراق المساجد وفضح الانتهاكات الصهيونية ضد ما تبقى من علامات الإسلام وفي فلسطينالمحتلة.