قد يستفيق البعض من مقولة قالها في وقت سابق كان الجزم في حقيقتها مؤكداً من قبله دون تدبر وظهر بعد حين ان ماذهب إليه ماهو إلا استعجال وبلبلة واستباق للحقيقة. هذا النوع من البعض هم ممن استهوتهم الفتنة وشلّت أفكارهم محاور الظن السيئ وإلا فما معنى التسابق من بعض الكتبة وممن يدعون أنهم من أهل الرأي الحكم المسبق على حدث لم تتضح مسبباته والخوض في فرضيات ونتائج وإتهامات بالتقصير واخفاء الحقائق وعند الكشف عن حقيقة ذلك الحدث ومن تسبب في حدوثه والإعلان عن ذلك تجد ذلك البعض وممن غاصت أقلامهم بمداد التشكيك يوارون فشلهم بالمدح والتصفيق والتهليل لظهور الحق ومساءلة المتسبب ثم تتوالى الكتابات مرصعة بالتبريرات والاعتذارات إن وجدت صيغة لها في تلك الكتابات وما فائدة الاعتذار من شيء قد قيل. كارثة مدينة جدة وجدت لها مرتعاً خصباً في ما يكتبه أولئك البعض فمنهم المشكك ومنهم من كتاباته مليئة بالتأكيدات بأن المتسببين في تلك الكارثة لن تظهر لهم اسماء وتحفظ التحقيقات في أدراج النسيان وظهرت التحقيقات وأعلن عن أعداد من لهم ضلع في الإهمال والتسيب وقدمت ملفاتهم للمحاكمة ولم يدرك أولئك البعض أن مجريات التحقيق تأخذ زمناً ليس بالقصير درءاً لعدم الوقع في إتهامات قد يظلم البعض ممن ليس لهم يد في تلك الكارثة. التسرع في الأحكام والتشكيك وإلقاء الكلام على عواهنه والخوض في أمور تستوجب التريث في استنتاجاتها ليس من شيم الحرص على تماسك مجتمعه وصفة لمن يحبون أن تشيع البلبلة والهرج والمرج فليتق الله كل من أمسك قلماً بأن تكون حروف كلماته خيراً وللمصلحة العامة وأن يجعل حسن الظن دائماً مرتكزاً لما يكتبه إلا إذا ظهر له خلاف ذلك بعد التأكد من مصادره فمن العدل أن لا يسكت عن خلل أو مفسدة إتقاءً لدينه وضميره.