لا أحد ينكر الدور الذي يضطلع به القطاع الخاص في مسيرة الاقتصاد الوطني، فالتاريخ يشهد أن أسس اقتصادنا الوطني قد وضعها رجال استطاعوا أن يكونوا امبراطوريات اقتصادية، كانت التجارة لحمتها وسداها وأصبح هؤلاء الرجال أعلاماً كل في مجاله، صدقاً، ووفاءً حتى أضحت مؤسساتهم التجارية مراكز ضمان اجتماعي تقدم الكثير لمجتمعها يوم كان المجتمع محدوداً عدداً ومتطلبات. وكان لمدينة جدة ريادة تلك النهضة بتجارها الذين لا يسع المجال لذكرهم وتقف مؤسساتهم بأسمائهم العائلية شاهداً على ذلك. إن نمو واتساع أعمال القطاع الخاص أدى بالضرورة الى الحاجة الى عمالة بأعداد كبيرة لا يوفرها السوق السعودي مما أدى الى لجوء تلك المؤسسات الى الاستقدام الخارجي حتى وصلت نسبة غير السعوديين الى 85% حسب احصائيات وزارة العمل. ولا شك أن الحاجة الى العمالة الأجنبية كانت هي السبب المباشر لذلك الطوفان البشري الأجنبي الذي غمر مؤسسات القطاع الخاص بل إن هذه الملايين من العمالة كانت وما زالت منخفضة التكلفة مما أدى الى تمدد مصطنع هائل في العرض ساهم في انخفاض هائل في التكلفة، جعل سوق العمل في المملكة مختلاً جذرياً، ويمكننا محلاظة مدى الفارق بين متوسط تكلفة العامل السعودي مقارنة بالعامل الأجنبي حيث تشير احصائيات وزارة العمل الى أن متوسط تكلفة العامل السعودي تصل الى حوالي 2495 ريالاً شهرياً بينما متوسط تكلفة العامل الأجنبي هي 1113 ريالاً شهرياً أي أقل من الثلث، وعليه تنعدم الموضوعية والمنطق عندما نطالب رجل أعمال سعودي توظيف عامل سعودي وأمامه عامل أجنبي يستطيع أن يتعاقد معه بثلث التكلفة ناهيك عن رواسب المفاهيم الخاطئة التي يحملها بعض رجال الأعمال عن عمالتنا الوطنية وضآلة المردود الذي تقدمه في ظل تكلفتها المرتفعة، وفي اعتقادي أن المشكلة تكمن في الأبواب المشروعة على مصراعيها أمام الاستقدام الذي أفرز ممارسات وسلوكيات عجيبة وسالبة ولا أقول إن ما يجري من تستر وأعمال أخرى يندي لها الجبين من تجارة وأتاوات يمارسها ضعاف النفوس حيال بعض العمالة الأجنبية الضعيفة التي لا حول ولا قوة لها أمام جبروت الكفلاء ونظام الكفالة الذي آن الأوان لمراجعته والنظر والدراسة لافرازاته من التستر ونزيف التحويلات الهائلة التي بلغت المليارات! إن انضمام المملكة الى منظمة التجارة العالمية، وتوجهات الدولة الى فتح مجالات استثمار كبيرة في جميع قطاعات العمل مثل مدينة الملك عبدالله الجديدة بمدينة رابغ التي ستمثل رافداً كبيراً للاقتصاد الوطني بفتحها مجالات عمل كثيرة للشباب السعودي، كل هذه المؤشرات يجب التعامل معها بكل الجدية في تأهيل الشباب السعودي للانخراط في العمل، علماً بأن الانضمام لمنظمة التجارة العالمية رغم انه سيفتح مجالات عمل واسعة إلا أن المنافسة سوف تكون شديدة، مرتكزة على مبدأ البقاء للأصلح والأكثر تأهيلاً وجاهزية لأداء العمل.