حتى أواخر السبعينات الهجرية كان صدى صوت أقدام طلبة ثانوية طيبة بالمدينةالمنورة على خشبة مسرحها الشهير في فنائها المعروف يتردد صداه على جدار مبنى محطة قطار الحجاز "الاستصيون "المقابل للمدرسة التي تحكي تاريخاً طويلا من الترابط "الشامي .. المديني" في الزمن القريب البعيد والذي انعكس في تشابه "المطبخين" .. وتشابك "الازياء" وفي اختلاط "اللهجات". والمفردات كمفردة – الكركون – والقشلة والشرعة التركي للعروس . والحلاوة التركية وغيرها من المفردات. بينما كان صوت الطالب "أحمد غلام" يتردد صداه على جنبات مسرح المعهد العلمي في "السحيمي" وهو يردد بصوته المتماوج والمؤثر – أحد – أحد.. ويزداد تألقاً وهو يتلقى المزيد من سياط "أمية بن خلف" وتلك الصخرة على صدره في دوره المميز "بلال بن رباح" رضي الله عنه.. صابرا ومحتسبا كان "أحمد غلام" مجسداً رائعاً لتلك الشخصية "المبهرة" برشاقته وبلونه النحاسي الجميل. وبأدائة الفائق الجودة وبحرصه على الابداع الفطري الذي كان عليه. كان مسرح ثانوية طيبة في "العنبرية" ومسرح المعهد العلمي في "السحيمي" فرسا رهان في سباق الفن المسرحي أيامها والذي كان يعد له طوال العام والذي كان له طابعه المقبول في جميع المدارس أيامها وقد كان التنافس بين "العنبرية" و"السحيمي" كبيرا بتلك المواهب التي كان يتميز بها طلبة "المعلمين" البارزين حيث استطاعوا ان يقدموا مسرحاً قادراً على التعبير. وعلى استخلاص العبر مستلهمين أحداثاً إسلامية كبرى وصياغتها في قالب مسرحي قادر على جذبك كمشاهد.. لتعيش بتلك الاحداث بذلك التجسيد الكبير لتلك الوقائع التاريخية. لقد اختفى ذلك النشاط "المسرحي" الذي كان من الممكن ان يوجد لدينا مواهب مسرحية لها سطوتها في عالم المسرح. لو لم يدخل دهاليز عديدة من – الريبة ومن ثم المتع. السؤال الآن هو هل تأخذ مدارسنا دورها الطليعي في ايجاد مسرح تقول كل شواهد العصر لابد منه وتعاود سيرتها الأولى في ذلك النشاط الذي كان سائداً في ذلك الوقت الذي مضى بكل بهائه وجماله، إن المدارس هي المصنع الذي يخرج منه تلك المواهب سواء كان منها الفنية او الرياضية التي توقفت فيها الرياضة المدرسية لسنوات. هي الاخرى وضاعت مواهب كروية ما كان يجب ان تضيع. ان بعض التجارب المسرحية التي يقوم بها هذه الايام بعض الفنانين لدينا وهي تجارب تتم على استحياء لكثير من العراقيل تجعلنا نطالب بتأسيس مسرح سعودي مستلهمين تلك البادرة التي اطلقها الاستاذ احمد السباعي رحمه الله قبل اكثر من ستين عاماً. ولعل ما قدم من عمل مسرحي قبل سنوات خارج الحدود كان محل اعجاب واثارة كل من شاهده لهو دليل قوي على ان لدينا طاقات مسرحية شابة قادرة على الحركة المسرحية وعطائها تلك القدرة على الامتاع، خصوصاً تلك القدرة التي تجاوزت أحد أسس المسرح وهو – المرأة – لقد استطاع هؤلاء الشباب أن يسدوا هذه الثغرة بتلك الحركة الدائبة على المسرح. وهذا الأمر من أصعب الأمور التي تواجه المسرحيين وان كانوا استطاعوا التغلب عليها. فهل نرى مسرحاً يحتوي على هذه الطاقات ويستطيع أن يكون ملهماً لكل المواهب الواعدة. وأن يكون لتلك الجهود التي بذلها أبو ربيعة في المدينةالمنورة وهذه الجهود التي يبذلها عمر الجاسر في جدة وكلها إرهاصات لوجود مسرح له كل خصائص المسرح.