كانت "الجياشية" ذلك البستان الزاهر بأصحابه في ذلك المساء حديقة "غناء" بأهلها وبروادها بحقول مزروعاتها مختلفة الأشكال والألوان ومن فصائل نخيلها فهذه "الحلوة" وتلك "الحلية" وهذه "الروثانة" والاخرى الطبرجلية.. او السويدا.و"بقشع" الورد. والفل وغيرها من الاصناف التي تخرجها لنا هذه الارض المباركة. الجياشية ذلك "البستان" القديم المغرق في القدم بذلك التاريخ المضمخ بالبطولات.. المسكونة ارضها بصهيل الخيول وهي "تجيش" في ارضها ذاهبة الى "غزواتها" منطلقة من هنا.. لتكتسب هذا المسمى من هذا الفعل الاسلامي العزيز الذي اعطاها كل هذا العشق من زوارها. واسبغ على اهلها ذلك "الحبور" لمن أتاهم وذلك الكرم لمن "قصدهم". "الجياشية" وهي احد "البساتين" الباقيات في "هوجة" زحف العمران المسلح على كل المساحات الخضراء لبساتين المدينةالمنورة غدت مكانا جميلا يجتمع فيه الاخوة والاصدقاء.. ويجد فيه الاصفياء تلك النسمة العليلة بعد يوم صاخب من العمل وجهاد الحياة. لتستمع الى ضحكة "طالب" الصافية وبروحه الاكثر صفاءً او صمت "أسعد شيره" بكل عفة لسانه وكريم خلقه أو بطلة محمد حسن عبدالفتاح الذي سرقه" المغرب طويلا بإنسانيته المحببة.. أو يأتيك صوت "الشلة" متداخلاً في عفوية الكلمة وسماحة اللفظة.. وهم يمضون وقتاً مليئاً بجميل القول بعيداً عن ملاحقة الآخرين وتلك صفات المؤمنين.. والذين هم مع نفوسهم صادقون. ليعيدوا ذلك الزمن الجميل عندما كانت هذه "البساتين" مقصداً لطالبي الراحة والبحث عن الهواء العليل في ليالي الصيف اللاهبة.. انه ذلك الزمن الذي مضى.. تعود منه ملامح بها شيء من بصيص ذلك الزمن. في ليالي "الجياشية" بحيوية كل روادها وطيبة نفوسهم.