.كانت " الجياشيه " في ذلك المساء حديقة " غناء " بأهلها وبروادها قبل حقول مزروعاتها مختلفة الاشكال والألوان ومن فصائل نخيلها فهذه " الحلوة " وتلك " الحلية " وهذه " الروثانة " والأخرى الطبرجلية، أو السويدا oo و " بقشعْ " الورد، والفل وغيرها من الأصناف التي تخرجها لنا هذه الأرض المباركة . الجياشيه ذلك " البستان " القديم المغرق في القدم بذلك التاريخ المضمخ بالبطولات ..المسكونة أرضها بصهيل الخيول وهي " تجيش " ذاهبة إلى " غزواتها " منطلقة من هنا ..لتكتسب هذا المسمى من هذا الفعل الإسلامي العزيز الذي أعطاها كل هذا العشق من زوارها وأسبغ على أهلها ذلك " الحبور " لمن أتاهم وذلك الكرم لمن " قصدهم " . " الجياشيه " وهي إحدى " البساتين " الباقيات في " هوجة " زحف العمران المسلح على كل المساحات الخضراء لبساتين المدينةالمنورة غدت مكاناً جميلا يجتمع فيه الاخوة والأصدقاء ..ويجد فيه الأصفياء تلك النسمة العليلة بعد يوم صاخب من العمل وجهاد الحياة . لتستمع الى ضحكة " طالب " الصافية وبروحه الاكثر صفاءً أو صمت " عم محسن " بكل عفة لسانه وكريم خلقه ..أو يأتيك صوت " الشلة " متداخلاً في عفوية الكلمة وسماحة اللفظة ..وهم يمضون وقتا مليئا بجميل القول بعيداً عن ملاحقة الآخرين وتلك صفات المؤمنين ..والذين هم مع نفوسهم صادقون .ليعيدوا ذلك الزمن الجميل عندما كانت هذه " البساتين " مقصداً لطالبي الراحة والبحث عن الهواء العليل في ليالي الصيف اللاهبة ..إنه ذلك الزمن الذي مضى ..تعود منه ملامح بها شيء من بصيص ذلك الزمن .