دائماً يتكرر هذا السؤال لماذا يهرب الكاتب من الواقع الى الخيال ومن الصدق الى الزيف ومن المحسوس القريب الى الوهم البعيد؟ اذكر أنني في بداية عملي الصحفي كتبت كما كتب غيري عن قصة نداء المجهول.. التي كتبها القاص المصري المشهور محمد تيمور وهو أحد رواد القصة في العالم العربي لافي مصر فحسب وكان المأخذ على محمود تيمون في قصته تلك هو أن القصة تصور الريف الشامي بطريقة لا تدل على ان كاتبها قد سبر أغوار ذلك الريف بما فيه الكفاية فظهرت عدة ثغرات في القصة هبطت بمستواها بينما أبدع وبرز الكاتب حين كتب عن المدينة التي عاش فيها وعرف جميع دقائقها وجوانبها واذكر أن هذه الملاحظة قد جذبت يومها انتباه النقاد عندنا أمثال الاخوان إبراهيم الناصر وعبد العزيز العبد الله التويجري وفي مصر رجاء النقاش ومحمد مندور ، فكتبوا حولها لمدة طويلة. وفي أيامنا هذه طغى الاسلوب الخيالي فرأينا أحد الصحفيين المشهورين يكتب عن بلاد لم يزرها وعن شعوب لم يراها وإنما اعتمد على ما قرأ أو سمع عن تلك البلدان فجاءت كتاباته عن رحلاته فقيرة الى المعلومات يعوزها الصدق والموضوعية. أما عندنا فكيف نردع هؤلاء : لقد لاحظنا زيادة عدد الوصوليين في مجتمعنا الذين همهم الوحيد ان يصلوا الى اهدافهم الذاتية ولو على رقاب الآخرين وجهدهم ولا يتورعون أن يستعملوا كل الاساليب الملتوية في سبيل ذلك.. بل أن الكثير منهم يتمنى ان يجلس مكان سيد نعمته! والوصولية سلوك أعوج وسلاح رخيص يستعمله ضعاف النفوس غير الواثقين من أنفسهم وكفاءتهم ومع خيبتهم وفشلهم فهم قادرون على اتقان فن التزلف والنفاق لرؤسائهم ولكنهم لحسن الحظ لا ينجحون دائماً في المضي في هذا الطريق لان حبل الكذب قصير ولان هناك كثيرا من الرؤساء يأنفون من الانحدار ومما شاة هؤلاء الوصوليين والاهتمام بأقوالهم وأفعالهم ومظاهرهم الحربائية.!! [email protected]