للقاص الأستاذ / خالد بن أحمد اليوسف جهود تُشكر في مجال القصة القصيرة إذ أصدر مؤخرا «انطولوجيا القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية» حيث تضم قرابة مائة واثنين وتسعين نصاً قصصياً, يُرافقها السير الذاتية المختصرة لكتابها - تمتد القصص المنشورة لفترة زمنية تصل لنصف قرن , من بين الأسماء المشاركة رائد القصة السعودي الأستاذ / إبراهيم الناصر الحميدان . وقد جاءت الانطولوجيا لتسد احتياج فعلي في الساحة الثقافية, كإبراز كُتّاب القصة القصيرة على امتداد مساحة الوطن, وضم نتاجهم الإبداعي المختار في كتاب واحد، لتُصبح مادة جيدة للدارسين, والنقاد, والأكاديميين, والقراء الذين لديهم ميلاً نحو قراءة هذا الجنس الأدبي الجميل . ولا شك أن المؤلف الأستاذ / خالد اليوسف قد اعترضته بعض المصاعب, خصوصا وأنه لم يتكئ على مراجع سابقة بل من خلال الاتصالات الشخصية، إلا أن همته العالية وميله الشخصي للقصة, ساعدت على تجاوز تلك الصعوبات, ليُقدم هذا السفر القصصي الشيق, الذي يضم أطيافاً متنوعة من المستويات الفكرية, والثقافية, واختلافاً في البيئات الجغرافية, وتنوعاً في التجارب الحياتية . واحتوت الانطولوجيا نماذج مختارة من القصص الواقعية, السريالية، الخيالية، الرومانسية، الرمزية، التاريخية, المسرحية، الكلاسيكية، الأسطورية، الفلسفية, والوطنية . ويكشف المؤلف خالد اليوسف المستوى الرفيع لكُتاّب القصة القصيرة السعوديين, وجماليات نصوصهم, والمفردات اللغوية الأنيقة ، ومضامينها المهمة . والقصة الجيدة هي التي تتوفر فيها أكبر قسط من المتعة للقارئ, وتبعث في نفسه السرور، وتجعله يتماهى مع أحداثها, ويتفاعل مع شخصياتها, فضلاً عن دورها -أي القصة - في فتح فضاء واسع من الأسئلة . البعض من المتخصصين يرون أن القصة مرآة متعددة السطوح, كل قارئ يلقي بناظريه على السطح الذي يعكس صورته بأمانة ودقة, أو كالبناء الضخم ذي النوافذ العديدة, وكل قارئ يطل من النافذة التي يختارها له ذوقه, وتروق له, وتناسب حالته النفسية. القصة ينبغي أن تتوفر بها عدة شروط لتصبح قصة ذات قيمة أدبية وفنية وثقافية وفكرية، فإلى جانب عناصرها التقليدية مثل الشخصية, الحدث ، البيئة الزمانية والمكانية، وهناك شروط أخرى ومهمة جداً كالرؤية ، والصدق الفني, وإشراقة الأسلوب, والتقاط الجوانب ذات القيمة الإنسانية، ليصوغها المبدع في قالب أدبي رفيع تنضح بالحياة, والجمال, لتصل إلى لحظات التنوير المطلوبة. [email protected]