ودعنا عاما ونستقبل عاماً جديدا، وكل يوم نقترب من آجالنا وداعاً ونحن أيام هي ساعات حياتنا ، وداعاً ولحظات حياتنا هي أنفاسنا وتوشك أن تنتهي عما قريب.وداعاً والحياة محطة وليست مستقراً، وداعاً وفي الآية "كَأَنَّهم يَومَ يَرَونَها لَم يَلبَثواْ إِلَّا عَشِيَّةً أَو ضُحَاهَا". وداعاً والقمر يبدأ صغيراً ثم يكتمل بدراً ثم يعود ويصغر مع انتهاء الشهر "وَالقَمَرَ قَدَّرنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالعُرجُونِ القَدِيمِ" كما أن النهار يبدأ بشروق الشمس وينتهي مع غروبها "إشارة أن لكل شئ نهاية". وداعاً والنبي عليه الصلاة والسلام يقول " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" ، وعندما حضرت أبي هريرة الوفاة بدأ يبكي وسألوه عن بكائه فقال والله ما يبكيني فراق الدنيا ، وإنما ابكي على العقبة التي تنتظرني وأنا اصعدها ، ولا أعلم في نزولي إلى الجنة أو إلى النار. وداعاً 31ه ، وصحائف أعمالنا ترفع إلى الله سبحانه وتعالى ، وهنيئاَ لمن يقول عند تطاير الصحف "هَاؤُمُ اقرَءُواْ كِتَابِيَه" ، والحسرة لمن سيردد "وَأَمَّا مَن أُوتِىَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيتَنِى لَم أُوتَ كِتَابِيَه "25" وَلَم أَدرِ مَا حِسَابِيَه "26" يَالَيتَها كَانَتِ القَاضِيَةَ". وعندما سُئل نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام عن أيام حياته ، وهو الذي عاش ألف سنة إلا خمسين عاماً "في الدعوة فقط" فأجاب في وصفه لسرعة الأيام وانقضاء العمر "كأني دخلت مع باب وخرجت من الباب الآخر" ، وتلك المرأة في العصور القديمة التي وجدوها تبكي لوفاة طفلها ، البالغ من العمر ستون عاما ، فقالوا لها في الأمم القادمة من يبلغ ستون عاما يُعد شيخا كبيرا عندهم ، فقالت "والله لو علمت أن حياتي ستون عاما فقط "لقضيتها في سجدة". وداعاً والحياة ما مضى منها كالحلم ، وما بقي منها أماني. وداعاً والشاعر يقول في أبيات شعره: انما الدنيا فناء ليس للدنيا ثبوت انما الدنيا كبحر يحتوي سمك وحوت ولقد يكفيك منها أيها الطالب قوت ولعمري عن قليل كل من فيها يموت وفي الآية "وَيَبقَى وَجهُ رَبِّكَ ذُو الجَلَالِ وَالإِكرَامِ". فما أجمل الحياة في طاعة الرحمن وما أجملها في مراقبة الله في كل تصرفاتنا وأعمالنا وكلنا ذلك المذنب المقصر.اللهم أجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة وأحسن لنا الختام وأحسن عاقبتنا في جميع الأمور .كل عام ونحن إلى الله اقرب ، وبه أعرف ، ومنه أخوف.