الذين يظنون أن فكرة الحرية هي الفكرة المطلقة هم في خطأ ويفهمون الأمور لا على حقيقتها ولكن على ما يظنونه ظناً حسناً. الحرية يا سيدي تعني فيما تعنيه من المعاني والقيم والأفكار ما راود الفكر ولمس النفس واستشبه الفؤاد. إن فكرة الحرية عند الفلاسفة وبالذات الأقدمين منهم ليست كمفهومها عند رجال السياسة إذ إن الفيلسوف يرى حريته في المنطق بينما السياسي يرى الحرية لشعبه ولمجتمعه وامته في حركتهم وتعليمهم وتثقيفهم وجعل الفكرة عندهم اوسع من الصورة والمشهد اكثر نصوعاً من البياض. فكرةالحرية عندي ان يكون المرء على استقامة في الرؤية الفكرية والرؤية العلمية والرؤية الثقافية والرؤية الاقتصادية والرؤية الاجتماعية بحيث لا تشتبه علينا المعاني عندما نذكر الحرية على اطلاقها. بل ينبغي ان نفهمها ونعنى بها ونثق في نفوسنا انها معنا على الدوام لا الخوف عليها ينسينها ولا مودتها تقربنا منها مطلقا وإنما هكذا كما يقول المثل: (اذا ارخوا شعرة معاوية شدها الرجل واذا شدوها ارخاها هذا الرجل). هذه هي فكرة الحرية في نظري عليها تكتمل الصورة ويستشف منها المعنى الذي يوضحها ويعنى بها فلا تختلط بأفكار الوجودية أو الشيوعية ولكنها فكرة دينية اسلامية حسنة تمحو كل ريب يقف امامها وتبطل كل باطل قدامها. وعندئذ نقول للذين يرون بحرية المرأة بجوار الرجل على رسلكم وإنما هي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما النساء شقائق الرجال» وحريتها ليست على الإطلاق وإنما يأتي ذلك من التشبث بأفكار الدخلاء على الفكر وعلى الدين وعلى العلم وليس ذلك كما يظنون إن يظنون الا كذباً.