منذ أن بدأ موسم الصيف شدت قوافل المسافرين رحالها براً وبحراً وجواً وهو الأعم ، فراراً من الحر وبحثاً عن أجواء باردة أو معتدلة وأوقات ممتعة لهم ولعوائلهم. لاأدري كم نسبة اللذين خططوا سابقاً لرحلة الصيف؟ لكن لاأظنها كبيرة .. فأغلبية العرب يسافرون دون تخطيط فهم يقررون فجأة أن يرحلوا إلى أي مكان دون أن يكون لهم هدف سوى الهرب من اللهيب الذي وصلت فيه درجات الحرارة لمعدلات مرتفعة جداً ، ومن الملل الذي يرافق أيام الإجازة الطويلة .. في حين أن الإنسان الغربي يضع خطته للسفر ربما قبل سنة وأكثر ويحدد وجهته وميزانيته وأهدافه من الرحلة المرتقبة . وممن أعرفهم حولي لا أجد – إلا نادراً - من لديه فكرة واضحة عن أي تفاصيل لرحلته سوى أنها لبلد ما ، لوقت ما ، لسبب ما . ونسبة قليلة إن وجدت من له أهداف من سياحته غير قضاء إجازة ممتعة،بأن يكون فيها بعد آخر يضيف له ولأسرته حصيلة ثقافية أو علمية، فكم عدد من يذهبون للمتاحف والأماكن الأثرية من العرب؟, من خلال رؤيتي في رحلاتي فهم غائبون عنها وعن غيرها من الأماكن التي تحمل طابعا ثقافياً محضاً بمعنى ليس فيه ترفيه من وجهة نظرهم طبعا ، فضلاً عن من يكون له اهتمام علمي أو دعوي في سفره، فكم رأينا المبشرين يجوبون الطرقات ويتعاملون مع السائحين بكل بساطة لجذبهم لدينهم ، ونحن أصحاب الدين الحق نسافر ونعود دون حتى أن نفكر في دعوة شخص واحد للإسلام حتى لو بإعطائه كتابا أو مطوية عن العقيدة أو حتى عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأخلاقه التي كسب بها قلوب أصحابه وأتباعه وبالتأكيد ستؤثر في قلوب البشر لو عرفوه حقا ً، وليس من الصعب الحصول على مثل هذه البرشورات من مكتب دعوة الجاليات . سمعت عبارة أعجبتني من شخص أحترمه قال: الناس تسيح في بلاد الله - وكلٌ حسب قدراته المالية - لكن من لايملك المال اللازم للسفر فإنه يسيح من الحر في ربوع بلادي ! إلا إذا ذهب لمنطقة باردة وبالطبع يحتاج للصرف بشكل لايقل عن تكاليف رحلة خارجية وليس الجميع يملك ذلك، فيبقى في مدينته ولديه الإختيار بين الذهاب للمطاعم أوالتسوق فهو الترفيه المتاح لاغير ،ولكنه أيضا يلزمه صرف مافي الجيب الذي غالباً يكون خاوياً . وينتهي به الحال إلى (سياحة فضائية) بالجلوس لمشاهدة القنوات الفضائية التي فيها الصالح والطالح من البرامج وما أكثر الغث فيها إلا من رحم ربي .وهناك سياحة فضائية حقاً لامجازاً بالإعلان عن رحلات للقمر تكلفتها كما أذكر لاتقل عن مائة مليون دولا للشخص وتم حجز عدد من المقاعد فعلاً دفع ثمنها مقدماً. وأظن أن من يختار السياحة الفضائية المحلية - مكرهاً- وكفى نفسه عناء الإنتقال من بيته لم يفكر يوماً في السفر للقمر حتى لايقال عنه (مجنون).