عودنا إمام جامع عائشة على الاختيار الجيد لمواضيع خطبة الجمعة والترتيب التسلسلي لطريقة العرض والتركيز على التنفيذ بعد التدبير والتخطيط. الموضوع الذي اختاره في هذه الخطبة موضوع اتقان العمل او إحسانه او كما نقول في علم الادارة الحديث "الجودة". في الواقع ليس مشكلتنا الجودة او اتقان العمل، فالاتقان بالنسبة لنا امر ممكن لو اتخذناه هدفا. نحن وللاسف نرغب كثيرا في عدم الانضباط وعدم اتقان العمل بل نستهدف المخالفة باعتبارها أمراً ممتعاً . هذه الهواية التي نمارسها في عملنا اليومي وفي سياستنا وفي عملنا كأخلاقيات عمل لاننا ننسى اموراً مهمة بتذكرها نسود وبنسيانها او تناسيها تطغى شهواتنا على انسانيتنا. نحن نتكبر ونقسو ونظلم وننهب ونسرق ونعتدي ونمارس كل صنوف الظلم والاستبداد لاننا نعيش هوس النفس فلا نرى الخطأ ولا نشعر به فنحن نعيش هذه العشرة القاتلة بكل عناصرها دون ان ندري. اولا نحن ننسى اننا يمكن ان نموت في اي وقت وبلا سابق انذار. مات لاعب كرة قدم وهو يلعب في مباراة ولم تستطع قوته ولياقته ان تمنع الموت الاقتراب منه. ذهب احد الاصحاب الى لندن لعلاج امه فعادت هي تمشي وعاد هو محمولا. ثانيا ان كلا منا يعتقد انه هو من يفهم فقط وان اي شيء بدونه يسقط حتى يفاجأ بسقوطه هو شخصيا. ثالثا ان واحدنا يبرر لنفسه كل السبل التي يحقق بها اهدافه الشخصية ويعتبرها السبيل الوحيد ليخدم بها الامة وان طريق مصلحة الامة تمر من خلال مصلحته. حدثني احدهم ان مديرا للمشتريات يتحدث وكانه فقيه زمانه الا ان كل ما يحتاجه شخصيا يندرج ضمن مصلحة العمل ويشترونه له ضمن المشتريات. رابعا يعتقد الناسي ان ما يفعل هو الحقيقة الوحيدة ولا مجال لان لا يستمع له الاخرون. مع العلم ان السبيل الوحيد للنجاح تستمع وتستفيد من آراء الاخرين. وخامسا ان التفكير القاصر لا يتجاوز المصلحة الآنية والتي تبناها الكثير في عصرنا الحديث على مبدأ ( كل فطير وطير) وهذا هو قصور النظرة المستقبلية مما يجعلنا نبني لانفسنا والاخرين يبنون لامتهم وهو سر فشلنا ونجاحهم. وسادسا ان مفهومنا للديموقراطية هو مفهوم الاحتواء وليس الحرية. اي انت حر ان تقول ما تشاء لتمدح السيد وتنتهي حريتك عند ذلك الحد. وسابعا ان كل الامور تنسى عندما يمتلك الانسان للسلطة والمال فيتجبر وتصبح رغباته اموراً مسلمة ومن لا ينفذها يفقد كل شيء وربما مقومات الانسانية او الحياة. وثامنا في خضم التمتع بالسلطة والمال ينسى ان ان الله يمهل ولا يهمل. وتاسعا ينسى الانسان ان تلك الايام نداولها بين الناس وكما يقول المثل لودامت لغيرك ما وصلت لك. وعاشرا ان الانسان ينسى قول الله عز وجل " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" 0505626375