لا يختلف إثنان أن العالم العربي يعيش مرحلة تخلف في أغلب أجزائه جعلت بعض الموطنين يصلون لمرحلة اليأس من الوصول لما وصلت له الأمم على الأقل في الأساسيات الملحة كالرعاية الصحية والتعليم وباقي الخدمات التي تعتبر لديهم أمورا أساسية لا تقبل النقاش في حين أنها تعتبر لدينا من الأحلام. هنالك أسباب كثيرة لهذا الوضع غير اللائق بأمة جاء بلغتها أفصح وأوضح كتب خالق السموات والأرض سبحانه والمخصص للإنسان بل يعتبر دليله في الحياة الدنيا وحجته في الآخرة، فيكون أول سبب هو بعدهم عن فهم هذا الكتاب العظيم منذ نزوله وتزداد مسافة البعد مع مرور الزمان، والإنسان عندما يترك الهدى ويتبع مدخلات شياطين الإنس والجن تصبح حياته عبارة عن مماراسات هو يستمتع بها بالرغم من تأثيرها السيئ عليه في الدنيا والآخرة، والسبب الآخر وليس الأخير وجود فئة فوق النظام تفسد الفكر والسلوك وتتمرس فيه وهي على يقين أن كائنا من كان لا يستطيع محاسبتها لأنهم يُبجلون حتى وهم مجرمون مما يجعل باقي فئات المجتمع العربي يصيبها الإحباط. وبالبعد عن الدليل تقلب الحقائق لدى الناس، فيصبح الفاسق هو الصادق، والفاسد هو الناضج، يؤجج هذا النوع من الانحراق الاجتماعي الناس أنفسهم من خلال تسمية الكذب مجاملة والنفاق تجملا، لا نقصد هنا أساليب التودد التي تحدث بين الأنقياء في أنفسهم، لأننا نستهدف أولئك الذين يسبب كذبهم ونفاقهم آثارا اجتماعية واقتصادية تأتي بالهلاك المؤسس على البلاد والعباد، ومن هذه العينة كمثال وليس للحصر ذلك المستشار أو كل من يستطيع أن يسمع صوته للمسؤول وتجده يتكلف بل ويجتهد لتزييف الحقيقة من خلال تجميل ما هو مشوه، هو أو هم يفعلون ذلك إرضاءً للمسؤول الذين يعتقدون أنه سوف يبغضهم إذا أسمعوه الحقيقة ولكن ليس هدفهم عدم إغضابة بقدر ما هو مداهنة من النوع الرخيص الذي تداس فيها كل القيم الإنسانية من أجل مصلحة دنيوية أغلبها مالية. أصبح العرب للأسف يصدرون أساليب الانحراق الاجتماعي المبطن بحيث نقول لمن يتحدث بصراحة في ما يخص الوطن أنت لست دبلوماسي ولن تصل، ونمدح ونشيد بذلك الثعلب الذي يمارس دونيته بدون أمانة أو ضمير لأنه متأكد من سلامة المصير، كيف نريد لأمتنا أن تنهض ونحن نؤصل فيها ممارسات جديرة بانحطاط أفضل المجتمعات؟ ولمصلحة من يكون انحطاط المجتمعات التي ينتج عنها تبديد لمقدرات الأوطان لا تستفيذ منه حكومة أو مجتمع لأنه يأكل الأخضر واليابس. لانريد أن نردد مقولة المؤامرة الإسرائيلية المدعومة لشرذمة الأمة العربية على افتراض أن للجميع الحق في فعل ما يشاءون كما لنا نفس الحق وهذا لا ينفي وجود روح التأمر التي يدعمها تسيبنا نحن العرب في أبسط حقوقنا مع أنفسنا قبل الآخرين، لقد خالفنا ارشادات دليل الإنسان، وخالفنا قيمنا العربية التي نتشدق بها في الأفلام، عندما أصبحنا محترفين بيع كلام بحكم فصاحتنا واكتفينا بهذه الحرفة التي نمارسها بكرة وعشية، أمسينا نعيش في الظلام واقسمنا أننا سوف ننام لكي نستمر في الأحلام التي قد تتحول لكابوس. عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الاعمال – بريطانيا