الفساد الاداري هو احدى المشاكل المنتشرة في المجتمعات بنسب مختلفة بحسب طبيعتها وآليات عملها ونظمها وقوانينها وقدرتها التطبيقية واستقرارها السياسي. عادة ما يدعي اصحاب القرار فيها انهم يحاربون الفساد. جرت العادة ان يتم الحديث عن الفساد الاداري في القطاع العام وليس في القطاع الخاص رغم وجوده ايضا في هذا القطاع. فما هو المقصود بالفساد الاداري؟ وما هي اسبابه؟ ولماذا نناقشه في القطاع العام وليس في القطاع الخاص؟ وهل يتم محاربة الفساد ام لا؟ وهل تتم محاربته بالادوات المناسبة أم لا؟ ولماذا دائما يحاربون الفساد؟ ألا ينتهي هذا الفساد؟ كل هذه الاسئلة وقد يكون لدى البعض اسئلة اخرى تستحق البحث والاجابة عنها بانفتاح وشفافية دون استثناء، سوف احاول هنا الاجابة عن هذه الاسئلة وان كان يستوجب في كل قطاع دراسة العوامل التي يمكن ان تختلف من جهاز الى آخر حتى تحدد اولويات التركيز، الا ان هناك اموراً عامة تنطبق على جميع الحالات. سوف أتطرق الى الحالات العامة والى بعض الامثلة من الحالات الخاصة مراعيا الاختصار في العرض دون شرح حتى تستوعب صفحة المقال اكبر قدر ممكن من المعلومات. المقصود بالفساد الذي يتداول العامة والخاصة الحديث عنه هو ما احتوى: التسيب الاداري، والرشوة، ومخالفة النظام بغرض المنفعة الخاصة، وتغليب المنفعة الخاصة على المنفعة العامة، خيانة الامانة، وما سار سيرها من سلوك يضر بمصلحة رب العمل او المصلحة العامة من اجل مصلحة الشخص حتى ما يتعلق بعدم الانضباط في العمل، وعدم الالتزام بإنتاج يومي، وعدم تنفيذ حاجة الناس، والاكثر ايلاما في القطاع العام هو تخويف وترهيب متلقي الخدمة، وينطبق ذلك ايضا على المدارس وسلوك الطلبة المتسيب في عدم احترام المعلم، وترهيب المعلم من تربية الطالب اي ان ادارة التربية والتعليم قد فقدت بكل جدارة مبدأ التربية واخذت تركز على مبدأ التعليم عن طريق التلقين وتسهيل الحصول على نتائج "نجاح" حيث ينتج عنه جيل غير صالح ومبادئه مهترئة وجذورها مهزوزة. يمكننا ان نستنتج ان من اسباب الفساد الاداري هي: بيئة العمل في ذلك القطاع، الاستعداد الشخصي لدى الفرد، ضعف نظام الرواتب، عدم توفر فرص عمل بديلة، سلبية نظم العمل وعدم اعتمادها على مبدأ الاداء، ارتفاع مستوى المعيشة، ضعف نظم المحاسبة، ضعف التطبيق وانتقائيته، التعقيدات الادارية، كثرة الاستثناءات في التطبيقات، مركزية القرار، شبه تجريد المدير من سلطته الادارية، وتجريد المعلم من قدرته على تعليم وتربية الطالب اى ماكينة عرض مالدية والعمل على استحصال الطالب شهادات حضور وليس شهادات تخرج علمي. يتم دائما الحديث عن الفساد الاداري في القطاع العام لانتشاره هناك اكثر من القطاع الخاص، حيث تجاوز القطاع الخاص مجموعة من العناصر وهي: انتقائية التعيين المبنية على المقابلات واختيار قدرات تخدم العمل المؤسسي، نظام الرواتب حيث تنافس الشركات على تقديم افضل العروض لموظفيها مقارنة برواتب المثيل المنافس. اي انها تسعى الى قياس الرواتب المثيلة في السوق بحيث تطور سلم رواتبها ودرجاته ليكون منافساً وجذاباً بناءا على ذلك المسح الميداني، التقليل من التعقيدات وبدلا عن ذلك تقوم بالتركيز على التنظيمات التي تقدم خدمة افضل واسرع للعميل منافسةً بها اصحاب المهن المنافسة، مركزية الاستثناءات بينما الاجراءات واتخاذ القرار غير مركزية، مكافأة الاداء وهو المعيار في صلاحية الموظف وتقديره. محاربة الفساد الذي نسمع عنه بين فترة واخرى، هنا او هناك، هو في الواقع جولات صعود وهبوط ، او ظهور و انحسار ، وربما بصورة اوضح هي عملية سقوط فريق لمصلحة فريق آخر. اي ان الموضوع بهذه الكيفية لن ينتهي وانما هي كالحرب جولات وجولات. وستبقى هذه الاغنية 0 العمل على محاربة الفساد هي الاغنية المفضلة والمحببة التي يرددها القادمون ويوصم بها الذاهبون علنا كان ام تلميحا، فما هو الحل؟ الفساد هو امر لا ينتهي ولن ينتهي لان تلك هي الطبيعة الكونية التي يوجد فيها الصالح والطالح الا ان معيار النجاح في محاربة الفساد هو النجاح في التقليل منه الى الحد الذي لا يشعر بوجوده الجميع في سلوكهم الطبيعي. اي انه امر غير موجود وغير مقبول أو شبه منعدم السماع به او تداول الحديث عنه في المجتمع الصالح. لن يتم ذلك ان لم تُستخدم الادوات الحقيقية في محاربة الفساد. طالما ان محاربة الفساد يعتمد على التعقيدات الادارية والسرية في الاجراءات، وطالما ان سلطة مقدم الخدمة على متلقيها سلطوية وطالما انه لا يوجد بديل لمقدم الخدمة او منافس له فان ذلك يجعل من عملية محاربة الفساد امر مهزوم ولا مجال لنجاحه نجاحا ملموسا، وانما يكون الفساد في شريحة مختلفة او ينتقل من مجموعة الى اخرى. التقليل من فرص الفساد لا يتم الا من خلال العمل على الآتي: تسهيل عمليات تقديم الخدمة اي الاعتماد على تحقيق السرعة والجودة في اداء الخدمة، وضوح النظام اي معرفة الحقوق والواجبات، فلا اتجاوز ولا يمن علي احد بحقوقي وانما اعرفها واعرف كيف استخلصها، الشفافية اي التعرف على مجريات العمل والياته فلا اسمح لمن يحتال على المواطن او يجعل من نفسه سمسارا بسبب عدم وضوح الاجراءات كفاية، بناء نظام رواتب مُنافِس بمراجعة سلم رواتب ديوان الخدمة المدنية نجد ان في سلم رواتب المستخدمين يبلغ اول راتب الف ريال وفي بند الاجور يبلغ الف وخمسمائة وفي سلم رواتب الموظفين الرسميين الف وسبعمائة ريال فكيف يقوم هذا الفرد بواجباته المالية تجاه عائلته؟، عمل قواعد معلومات موحدة لاتخاذ القرار ، تطوير نظام العمل الذي يعتمد على الاداء بينما نجد ان نظام الخدمة المدنية على سبيل المثال يجرد مدير العمل من سلطة القرار وادارة الافراد في الهيئة ويحيله الى تعقيدات ادارية لا يستطيع بها ان يدير الفرد غير المنتج او يحاسبه او يلزمه، او ان صلاحية النقل والادارة لمصلحة العمل لا يتم الا عن طريق الوزارة لبعض المستويات الادارية وان كانت غير فاعلة بينما مكاتبها في مختلف المناطق ضعيفة الاداء، التركيز على مبدأ خدمة العميل حتى لوكان ما نتحدث عنه خدمة عامة تقدمها هيئة حكومية ان لم يفهم الموظف التقليدي ان ما يقدمه هو خدمة لارضاء العميل وانه بدون ذلك العميل يفقد وظيفته وراتبه فلن يتمكن من تحسين ادائه. فهل يكمن الحل في تعدد مقدمي الخدمة الواحدة؟ او كما يسميه البعض الخصخصة. التفكير في هذا الموضوع امر مهم جدا لخلق بيئة منافسة تحافظ على جودة الخدمة وسرعة تقديمها. 0505626375