تزايدت مخاوف المرضى مؤخرا من ارتفاع أسعار الخدمات الصحية الخاصة في ظل ارتفاع الأسعار الحالي في جميع ضروريات الحياة. فيما أكد مستثمر في القطاع الصحي الخاص ان أسعار الخدمات الطبية يجب أن تتناسب تناسبا طرديا مع مستوي الأسعار عموما وكذلك تكاليف المعيشة لأنها تؤثر تأثيرا مباشرا على تكاليف الخدمة الطبية. وقال علي بن حمزة الحمزة رئيس اللجنة الفرعية للمجمعات الطبية بالغرفة التجارية بالرياض أنه قبل التحدث عن أسعار الخدمات الطبية يجب أن نعرف ماهية الخدمات الطبية وخصائصها و جودتها ومعايير تلك الجودة وطرق تسعيرها والعوامل التي تؤثر في سعرهان وذلك حتى يتسني لنا معرفة ارتباطها بارتفاع الأسعار في جميع القطاعات الاخرى بالمملكة، وكذلك إمكانية تحديدها ووضع سقوف عليا ودنيا لها أو إمكانية تخفيضها من قبل الجهات الحكومية المسئولة. وذكر أن الخدمة الطبية هي منتج غير مادي يحتوي في مضمونه على عمل وأداء لا يمكن امتلاكه ماديا، فهي نشاط غير ملموس يهدف أساسا إلى تحقيق حاجات ومتطلبات العميل مقابل ثمن محدد ومتفق عليه ودون أن يتضمن تقديمها أي خطأ أو بأقل نسبة من الخطأ (أي لابد من التأكيد على مسألة الجودة). ومن خصائصها أنها غير ملموسة، ويتزامن إنتاجها مع استهلاكها، ومن خصائصها أيضا التباين وعدم إمكانية تقديم خدمات متجانسة لكل العملاء حيث يختلف الأداء من فرد لآخر ومن وقت لآخر، والهلاك والفنائية أي عدم إمكانية تخزينها والاحتفاظ بها، وعدم إمكانية امتلاكها، وأنها خدمات عامة تحقق مصلحة عامة لمختلف الجهات، كما أنها على درجة عالية من الجودة لارتباطها بحياة الإنسان. وتعتمد جودة الخدمة الطبية على إدراك وتقدير العميل، فالخدمة الجيدة من وجهة نظر العميل هي التي تتفق مع توقعاته وتشكل جودة الخدمة الطبية جانبا مهما في تحقيق ميزة التنافسية بين مقدمي الخدمة. ومعايير جودة الخدمة الطبية الاعتمادية (قدرة الطبيب علي أداء الخدمة الطبية التي وعد بها بدرجة عالية من الدقة )، ومدى توفر الخدمة في الوقت والمكان المناسبين للعميل، ودرجة الشعور بالأمان والثقة في الخدمة المقدمة وبمن يقدمها وبمصداقيته، وكذلك مدى تفهم مقدم الخدمة (الطبيب مثلا) لاحتياجات العميل وتزويده بالرعاية الكاملة، ومدى قدرة واستعداد مقدم الخدمة بشكل دائم على تقديم الخدمة للعملاء عند احتياجهم لها، ومدى كفاءة القائمين على أداء الخدمة، وقدرة مقدم الخدمة علي شرح خصائص الخدمة للعميل بصورة واضحة ومناسبة، والتسهيلات المادية من أجهزة وتكنولوجيا ومظهر عام وديكور. وحول طرق تسعير الخدمات الطبية قال بأن عنصر السعر يمثل بالنسبة للخدمات الطبية المقابل المادي أو التعويض عن القيمة المقابلة للخدمة ويشمل عدة اعتبارات غير ملموسة ولكن في غاية الأهمية مثل تكوين السمعة والشهرة التي يتمتع بها مقدم الخدمة ومدى جودة خدمات وإمكانات الأجهزة والمباني والمظهر العام لمقدم الخدمة، ويعتبر تسعير الخدمات الطبية أمرا في غاية التعقيد وذلك لاعتبارات عديدة منها تدخل الحكومة من خلال وزارة الصحة لتحديد أسعار الكشف والعلاج، وأن العميل لا يختار في معظم الأحيان الخدمة المقدمة له ولكن يكون ذلك من اختصاص الطبيب المعالج، كما أن جودة الخدمات الطبية غير محددة المعالم وتتأثر بكثير من الأمور، وأيضا جود العلاج المجاني عن طريق التأمين الصحي وغير ذلك من الأمور الأخرى، لذا يجب الأخذ في الاعتبار دائما عند تحديد سعر الخدمة الطبية العوامل المؤثرة في تحديده وهي التكلفة والمنافسة والمزيج التسويقي والعرض والطلب وتدخل الدولة. وأضاف بأن تسعير الخدمات يختلف باختلاف مقدم الخدمة فالقطاع الخاص يهدف إلى الربح أما القطاع الحكومي فقد لا يهدف للربح وقد يتم تحديد أسعاره على أساس حساب التكلفة أو بالأهداف الاجتماعية فقط. والتسعير على أساس التكلفة يعني أن السعر هو محصلة هامش الربح مضافا إليها التكلفة. حيث التكلفة تساوي تكلفة الإنتاج وتكلفة التسويق والتكاليف الإدارية المتنوعة. بينما التسعير على أساس نقطة التعادل يجعل نقطة التعادل تساوي التكاليف الثابتة مقسومة على السعر المطروح منه التكاليف المتغيرة بالوحدة. وقال الحمزة بأن العوامل التي تؤثر علي السعر سواء بالارتفاع أو الانخفاض هي المصاريف غير المنظورة والإيرادات الضائعة غير المحسوبة وهي تمثل في الخدمات الطبية مبالغ ليست بالقليلة تجعل من تحديد تكلفة الخدمة الطبية عملية صعبة جدا وبالتالي تؤثر على سعرها. والسعر على أساس العرض والطلب حيث أن زيادة الطلب تعني ارتفاع السعر في حين أن انخفاض الطلب يعني انخفاض السعر. ومستوى الدخل حيث أن ارتفاع مستوى الدخل يعني ارتفاع القدرة الشرائية وإمكانية زيادة الأسعار والعكس صحيح. والتنافس بين مقدمي الخدمة فكلما كان السعر حرا زادت المنافسة في تقديم أجود الخدمات وتحديد السعر يؤدي إلي تردي نوعية الخدمات المقدمة. وفي أي حالة من الحالات السابقة فانه يصعب تحديد سعر الخدمة الطبية حيث أن مستوى مقدم الخدمة يختلف من مقدم خدمة لآخر في جميع أنواع الخدمات وكذلك مستوى الكادر الطبي، كما أن وجود مصاريف غير منظورة يزيد من صعوبة تحديد الأسعار حيث أن تحديد الأسعار يعني تحديد جودة الخدمة المقدمة، كما أن أسعار الأجهزة والمستلزمات أيضا تختلف من جهة لآخري وحسب بلد منشأها وصناعتها. ومما سبق يتضح أن أسعار الخدمات الطبية يجب أن تتناسب تناسبا طرديا مع مستوى الأسعار عموما وكذلك تكاليف المعيشة لأنها تؤثر تأثيرا مباشرا علي تكاليف الخدمة الطبية ومعنى عدم زيادة أسعار الخدمات الطبية في مقابل زيادة الأسعار عموما انخفاض ربحية مقدم الخدمة أو خسارته وبالتالي تدني جودة الخدمات الطبية للحفاظ على الربحية أو عدم الخسارة أو تقليلها وتصبح زيادة أسعار الخدمات الطبية زيادة طبيعية وضرورية لتغطي الزيادة في معدلات التضخم وارتفاع أسعار الدواء ورواتب الكوادر الطبية وكذلك ارتفاع أسعار المعدات الطبية والمستلزمات الطبية والعقارات الخاصة بالمنشآت الطبية ومساكن العاملين بها. وقد سبق أن ذكر الدكتور منصور الحواسي - وكيل وزارة الصحة للشئون التنفيذية ضمن مقال صحفي (أن الدولة ممثلة في وزارة الصحة تتدخل في عملية تحديد أسعار الخدمات الطبية، فقد تضمن نظام المؤسسات الصحية الخاصة الجديد في مادته السابعة اهتمام وزارة الصحة بأسعار الخدمات الطبية المقدمة في القطاع الخاص عموما محققة دورا ايجابيا وفعالا في اعتدال الأسعار وعدم المغالاة فيه وذلك بتكوين لجنه مكونة من مندوبين من عدة جهات ذات علاقة لتحديد متوسط سعر تتراوح حوله أسعار الخدمات التي تقدمها المؤسسات الصحية الخاصة ومدى هذا التراوح بناء على معايير محددة ومراجعة ذلك كل ثلاث سنوات). وأضاف الحمزة أنه منذ صدور النظام منذ أكثر من خمس سنوات وحتى الآن قامت وزارة الصحة بعدة دراسات ولم تتمكن من عمل ذلك ولا اعتقد أنها تستطيع ذلك لأنه يصعب عمليا تحديد قيم ثابتة لمتغيرات غير ثابتة، ولكنني أرى أن يكون هناك لائحة أسعار استرشادية لدي وزارة الصحة تستعين بها لاعتماد الأسعار التي تتقدم بها المؤسسات الصحية الخاصة لاعتمادها حتى لا يكون هناك مغالاة في الأسعار ولكن في النهاية يترك للمنشأة الطبية حرية تحديد أسعار خدماتها ومتلقي الخدمة هو الذي سيقرر في النهاية أي منشأة طبية سيذهب إليها على ضوء أسعار خدماتها وجودتها في ذات الوقت. وحول التجربة الأمريكية في تحديد الأسعار قال الحمرة بأن التجربة الأمريكية في تصنيف المرضى لفئات حسب تشخيص أمراضهم والسن والجنس ووجود مضاعفات من عدمه وارتباط ذلك بنظام حسابي تقريبي لأسعار الخدمات الطبية والمعروفة باسم (DIAGNOSIS-RELATED GROUP) DRG بدأت منذ عام 1980م بالولايات المتحدةالأمريكية ولكن من غير الممكن تطبيقها في سوق الخدمات الصحية السعودي لعدم وجود الأساسيات المطلوبة لتطبيقها وأهمها وحدة مصدر المعلومات للمرضى والذي يجب أن يتم عن طريق ربط جميع مقدمي الخدمة بدون استثناء الكترونيا مع وجود البطاقة الذكية لكل مريض ومحمل عليها جميع معلوماته المرضية والتي يتم تحديثها باستمرار ويمكن قراءتها في أي مكان تقدم به الخدمة الصحية وان كان تطبيق ذلك غير مستبعد علي المدى الطويل في ظل توجه المملكة نحو الاستفادة من كل المستجدات الحديثة على الساحة العالمية وتأكيد ذلك وجود أنشطة حكومية في الوقت الحالي بالمملكة بخصوص الربط الالكتروني وخصوصا بالقطاع الصحي.