عندما تُذكر كلمة الأهداف في سياق حديث ما دون أن تحدد معالمها يتبادر إلى ذهن المتلقي الأهداف الكروية لكرة القدم التي شغلت عقول الكثير إلا ما ندر،في حين أن هذه الكلمة تعني الكثير لمن يعي معناها الحقيقي، فحياتنا مبنية على مجمل من الأهداف النبيلة المتعددة المقاصد التي ينبغي تحقيقها في طور الحياة لننعم بأيام جميلة يكسوها الحب والحنان ويتخللها الوئام، فالتكاثر البشري كان لهدف سامي يحققه العبد من خلال قيامة بما أوكل إليه من مهام تعبدية فرضت عليه دون غيرة من المخلوقات {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ومن ثم عمارة الأرض {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} وبين هذا وذاك هناك أهداف دنيوية تحقيقها يدخل على النفس البهجة والسرور، ويعطي صاحبها دفعه لزيادة تحقيق الأهداف الأساسية التعبدية، وإذا خلت حياة المرء من الأهداف الأساسية والثانوية، كانت دنياه لا طعم لها، وتمر أيامه ثقيلة يكسوها الملل والحزن، ويمكن تحقيق أهدافنا الشخصية والعملية عندما نؤمن بها ونسعى إليها، إذ يؤدي كتابة الأهداف والتركيز عليها إلى تحقيقها بحذافيرها، وهي إما أن تكون أهداف قصيرة المدى، أو متوسطة المدى، أو طويلة المدى، فتحديد المرء لأهداف دنيوية إيجابية يسعى لتحقيقها خلال فترة حياته الوجيزة تنمي في داخله الإصرار لتحقيق النجاح تلو النجاح، وتولد فيه حب المثابرة لتحقيق ما فشل فيه، والناجحين في حياتهم هم ممن يتحدثون بوضوح وبساطة عن أهدافهم، وبذلك تكون أهدافهم قابلة للتحقيق بأسرع ما يمكن لأنهم قد حددوا أهدافهم بطريقة دقيقة متسلسلة ومقسمة إلى أجزاء، مما يجعل عملية إنجاز أهدافهم تسير بأسرع مما نتصور، وقد ذكر ابن القيم رحمة الله في إحدى مؤلفاته مراحل الوصول إلى الهدف [ اليقظة – الفكرة – البصيرة – القصد والعزم – المحاسبة ] ويرى أخصائيو المهارات والتنمية الذاتية أن المرء الذي لا هدف له في الحياة مثل لاعب تم وضعه في ملعب مرماه دون شباك يسجل فيها، ويعتبرون أنه بمجرد أن يحدد الإنسان أهدافه يكون قد نبه نظام التنشيط الشبكي، حيث يصبح هذا الجزء من المخ مثل المغناطيس يعمل على اجتذاب أي معلومة، أو ينتهز أي فرصة يمكن أن تساعد الشخص على تحقيق أهدافه بسرعة أكبر، فالإنسان لا بد أن تكون له في أيامه المحدودة فوق الثرى رسالة واضحة المعالم، وأهداف محددة، ومقننه يتم تحقيقها على ضوء قدر الموارد المتاحة، وطبيعة الظروف الداخلية بالفرد، والخارجية في البيئة المحيطة، والتعامل معها بالأمل والتفاؤل والصبر والجهد والإرادة لتكون الحياة أكثر اتزان وسعادة. همسة: كل هدف تربطه بأحاسيسك يصبح اعتقاد. ومن أصدق من الله قيلاً {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ}.