ما أروع هذا الشهر الكريم وما فيه من أجواء إيمانيه تغير كل شيء ، فهو شهر عظيم ليس كباقي الشهور ، يجعل المرء يبدأ بتغيير مسلك حياته لما له من صفات تؤهله لأن يكون شهر التغيير ، وما فيه من روحانيه تدخل في النفس البهجة والسرور وتجعلها تميل لطلب المنهج السليم الذي تسير عليه أيام وليالي الشهر الكريم ، فالنفوس تُصاب بالتعب والإرهاق والملل والرتابة وتحتاج إلى التغيير الذي ينمو من داخل النفس البشرية ، ولا يتم ذلك إلا إذا كانت هناك رغبة من النفس في تغيير ذاتها قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) فالتغيير سنة من سنن الله في الخلق ، والدوام لله وحده ، فهو سبحانه وتعالى لا يتغير ولا يتبدل ، ولا يتغير حال المؤمنين للأحسن أو للأسوأ إلا بأنفسهم وبإرادتهم ، وبأعمالهم ومعتقداتهم ، والتغيير غير التطوير ، فالتطوير يكون دائماً للأفضل ، والتغيير يكون إما للأحسن أو للأسوأ ، وإذا عزمت النفس على سلك منهج التغيير فعليها أن تطبق خطواته المصحوبة بالعزيمة الصادقة والرغبة الأكيدة والتصميم والمتابعة والمثابرة بجد واجتهاد لتصل إلى هدفها المنشود ، وليس بالأماني ، فكل إنسان يتمنى لنفسه التغيير نحو الأفضل ، ومن أجل بلوغ هذه المرحلة يرى علماء الإدارة والاقتصاد أن الناجحين بعد أن يرسموا أهدافهم الواضحة يبدأون بتطبيقها تدريجياً لتظهر نتائجها على أرض الواقع مع مر الأيام ، ومن مميزاته أنه يعلم اتخاذ القرار فيلتزم المسلم بالإمساك والفطور في وقت معين طوال الشهر ، والمحافظة على تلاوة القرآن الكريم حسب جدول زمني يتم من خلاله قراءة المصحف كاملاً في فترة الثلاثين يوماً ، فيكون للوقت قيمة يدركها المرء فيحافظ عليه لأن الوقت هو الحياة ، فخلال هذا الشهر هناك دقة والتزام وتنظيم للأوقات ، فمن تمكن من ضبط نفسه على ذلك ، ونجح في اتخاذ القرار وطبقه بالصورة الصحيحة هانت عليه المراحل التالية من التغيير وهي الانجاز الذي لو نظرت إليه في هذا الشهر الفضيل لوجدت أن المحصلة هي ربح عظيم ونجاح في عمل عظيم ، ويخرج المرء عن المألوف وكسر الروتين الذي ينظم حياته خلال العام وهو بذلك يقضي على القلق وضغوط الحياة اليومية ، والتغيير الفردي يتم من خلاله التغيير الجماعي الذي ينتج عنه تحقيق أهداف الإسلام العليا ، فالتغيير والتجديد سمة من سمات هذا الشهر بل إنها سمة من سمات الدين الحنيف فما أن ينتهي رمضان حتى يأتي العيد يليه الحج وهكذا يمر العام بتغيير دائم فلا تمل النفوس فيه من حياتها ، وشهر رمضان الفضيل هو شهر بناء الذات وتغيير النفس ، وهذا الأمر مطلوب من الجميع ، حيث يتساوون فيه ، وخلاصة القول إن على المرء في هذا الشهر الكريم أن يحاول قدر المستطاع أن يحسن وضعه للأفضل ، ومراجعة ما قد مضى من وقت قَصَرَ فيه ، والتصميم على زيادة الحسنات ، والسعي إلى تقليل السيئات من خلال إتباع المنهج الرمضاني الذي شرعه الرحمن الرحيم .ومن أصدق من الله قيلاً (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين).