إن المعلن نفسه عالماً، وهو لا يدرك أدنى مايجب أن يتوفر للعالم بالدين من صفات ، ليس بعالم بل مدع للعلم، فأعظم صفات العالم أن يخشى الله ، فالله قد حصر خشيته في العلماء فقال: " إنما يخشى الله من عباده العلماء" فالعلم بالدين يورث صاحبه معرفة حقيقية بالله عز وجل ، وبشرعه الذي بعث به امام رسله وخاتم انبيائه سيدنا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ومن عرف ربه وشرعه أخلص له،وتمتع بكل خلق رفيع،وسلوك أقرب ما يكون إلى المثالثة، فإذا رأيت من يدعي العلم وهو لايحرص على الفضائل، وسلوكه بعيد عما يرشد إليه العلم الديني المستقى من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - فاعلم أنه يدعي ماليس عنده ولا قدرة له على امتلاكه،فادعياء العلم ترى تكالبهم على الدنيا ومتعها ، لايمنعهم من اكتساب رياشها مانع،ولا يتحرون المصدر الذي منه يكتسبون،ترى لبعضهم ثروات تتضخم فجأة،وهم قبل زمن يسير كانوا من المعدمين ، وتراهم نزقيون لايصبرون بل ينتقمون لذواتهم في كل باب ، وإن كانوا هم من اخطأوا في حق من اعتبروه لهم خصماً، وترى فيهم كل أمراض النفوس التي إنما انزل القرآن وتحدث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ليعالجها ويشفي المؤمنين منها الشفاء التام والعاجل، من مثل الحسد والحقد والضغينة المولدة للكراهية، والكبر والتعالي على الخلق، والزهو بالنفس والاعجاب بها، وترى المدعي منهم لايسأل عن شيء إلا وأجاب، حتى ولو كانت اجابته خطأ ، فالمهم عنده ان يظهر بمظهر العالم الذي لاتغيب عنه مسألة، وهو يستنكف عن التعلم ممن هو أعلى منه، وممن هو مثله أو دونه لشدة عجب بنفسه، ولا كذلك العالم الذي لايزال يتعلم مادام حياً، بل لعله يستفيد من تلاميذه بعض ماجهل، فالمدعي دوماً يغتر بما ظنه علما،ولا يصغى الى ماعند غيره من العلم، بل لعله يتهمه بالجهل ويحتقره،وإما أن يكذب مدعي العلم فتلك هي الفاجعة، فإذا كان المؤمن لايكذب، فكيف يكذب من أعلن نفسه عالماً أو داعياً ، أو نصب نفسه واعظاً للخلق، فصفة الكذب تزيف علمه،وتدل بوضوح على جهله، وعصرنا هذا هو عصر الادعياء نراهم ونسمعهم ونلمس فيهم اكثر هذه الصفات التي ذكرت،وواجبنا أن نتعرف عليهم ونتجنب ضررهم ما أمكن، فهل نحن فاعلون، هو ما أرجو الله ولي التوفيق. ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس: 6407043