** إذا كنت معلماً تتولى تدريس فصل من الفصول، وعند نهاية العام الدراسي لم ينجح الا 40% من الفصل، بينما رسب 60% من الطلاب.. فما معنى هذا؟.. الجواب يعرفه كل أحد بطبيعة الحال.. وقياساً على هذا دعونا نعود الى اختبارات القياس والتقويم التي يجريها "المركز الوطني" في السنوات الاخيرة كل عام على الخريجين هنا وهناك، ومن ذلك الاخوة خريجو الجامعات، الذين هم على أبواب ان يكونوا معلمي المستقبل لطلابنا في المدارس.. وبالعودة لنتيجة العام الماضي فقد نجح 40% من المعلمين الجدد، ورسب 60% منهم، وكانت حينها فضيحة بجلاجل كما اشرت لذلك في مقال سابق لي.. ** في هذا العام اعلن المركز الوطني للقياس والتقويم عن نتائج "فحص" المعلمين الجدد، فجاءت النتائج أخف وطأة.. لكنها رغم ذلك كانت تشعل استفهامات كثيرة، حتى وان تحسنت الاحوال، عندما نجح 60% ورسب 40% اي ان الصورة (مقلوبة) عن العام الماضي، عندما تبادل الرقمان (النسبة) موقعيهما بين ناجح وراسب وبالرغم من ذلك فإننا نتوجه الى (التعليم العالي) بسؤال مهم، وهو: هل هذا هو كل ما لديكم من "بضاعة" ومخرجات، وهل فعلاً (الجودة - من الموجود)؟!! ** جامعاتنا في الآونة الاخيرة صارت "تتسابق" وتتباهى بما يعرف ب"الاعتماد الاكاديمي" وب"تقدم ترتيبها" في سلم جامعات العالم والشرق الاوسط، قفزاّ من ذيل القائمة، الى موقع اعلى رويداً رويداً، الى ان صارت بعض جامعاتنا تتقدم في (السُلّم) وهذا دون شك مفخرة لنا جميعاً، واخبار طيبة نطرب لها كثيراً، خصوصاً والدولة لم تبخل عليها بالمال، ولا هي تنقصها العقول، لكي تكون في الترتيب الاول او قريباً منه، وان كان هناك من يغمز من قناة ان بعض حيثيات ذلك التصنيف، لا يقيس سوى مستوى الموقع الالكتروني لكل جامعة!! * الذي أود ان اخلص إليه ان امام جامعاتنا عملاً كبيراً، ومشواراً طويلاً، لان تتطور في "كل النواحي" ومن أولها، جودة المخرجات الاكاديمية والمهارية لطلابها وطالباتها، فإن هذا هو المحك، وهو الاختبار، وهو العنوان الصريح لنجاح هذه الجامعة او تلك، حتى لا نفاجأ في كل عام بمثل هذه الصور المهلهلة" التي يكشفها اختبار "القياس" سنوياً.. وعلى جامعاتنا كذلك العناية الكبيرة بالبحث العلمي، الذي يعتبر علامة فارقة بين جامعة وجامعة، اضافة الى ضرورة الارتقاء "بأساليب التعامل" الحضاري بين اساتذة الجامعة وطلابها، من حيث التعاطي معهم بآليات تعامل تجعل هذا الطالب وتلك الطالبة، يتخرج من كليته او جامعته، وهو يمنحها حباً عظيماً في قلبه، وتقديراً في فكره، وذكراً حسناً طيلة حياته.. لا ان يتخرج منها ب"طلعة الروح" وبعد حالة ب"الزهقان" و"المرمطة" والعذاب، وكأنه كان عصفوراً محبوساً في قفص، يتوق الى لحظة مبارحة مكانه، غير آسف على ايامه ولياليه في رحابها. ** ولعلي هنا استعيد ما كتبه أحد الكتاب قبل ايام، ربما في اسلوب فكاهة، عندما قال ان الجامعات بعد ان صارت تشترط على خريجي التعليم العام "الثانوية" ان يجتازوا اختبار القياس والتقويم، والذي كشف في بعض جوانبه حالة خريجي الثانوية، ومجموعة من "المهلهلين" منهم.. جاءت وزارة التربية، لتسقي وزارة التعليم العالي من ذات الكأس، وهو الاحتكام الى نفس الاختبار، الذي اظهر هو الآخر نتائج غير مبهجة لمستوى تحصيل الطلاب القادمين من ردهات اروقة الجامعات، بعد دراسة اربع سنوات كاملة.. واخشى ما اخشاه انه "بين حانا ومانا - ضاعت لحانا"!!