في عرسنا الوطني هذه الليلة نستطيع القول بأن أهم انجازات مهرجان الجنادرية وهي تحتفل هذا المساء بعامها الخامس والعشرين كسرد تاريخي في كوكبة متلألئة من الصور التراثية لإنسان هذه الأرض في ترابط حضاري جميل بين ماضي هذه الأمة وحاضرها بشكل يُعزز الانتماء الوطني بين الأجيال ويغرس قيمنا التربوية والاجتماعية الأصيلة في مجتمعنا السعودي العريق بأطيافه المتعددة ومخزونه الثقافي بما يؤكد أن الامتداد الطبيعي لهذا المجتمع هو الاعتزاز بخصوصيته واحترامه للعقلية الثقافية والفكرية التي نمت وترعرعت على صحاري نجد وواحات الأحساء وجبال الحجاز والقلاع التاريخية في جنوبنا الأشم وسهول الشمال مروراً بأجا وسلمى في حائل الكرم الحاتمي وصولاً لرحاب الحرمين الشريفين حيث الهدوء والسكينة وروحانية المكان تجسد عبق الإيمان الصادق بثقافتنا المحلية واقعنا المجتمعي وبيئتنا المحافظة نلتقي بثقافات معاصرة في منظومة حضارية وتاريخية تمتد لعشرات القرون بُنِيَتْ على أسس قوية واتصالات معرفية لا مجال للتقليل من مصداقيتها والشكك في صحتها وإذا كانت الجمهورية الفرنسية ضيف شرف مهرجان الجنادرية لهذا العام كنقلة عالمية وتبادل ثقافي ودلالات تتناغم مع طبيعة العصر فإنها الشهادة الحقيقية بكمال أجندتها وخطة نجاح هذه المناسبة. التي تشهدها الرياض العاصمة لهذا المساء الأجمل في ليلة استثنائية لا مكان فيها إلاّ لصوت الوحدة الوطنية والمعطيات الفكرية في مناسبة تجتمع فيها قلوب المواطنين من مثقفين ومفكرين وعامة الشعب حول قيادتهم السعودية فخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام الحريصان حفظهما الله على تقديم شعبهما السعودي بكافة شرائحه في أرقى الصور الحضارية بواقعية لا تقبل الجدل وتنبذ التفرقة بين أبناء المجتمع الواحد ضمن إطار الشفافية والنظرة الإنسانية التي تُعد سمة بارزة لهذه القيادة السعودية لرسم ملامح التنمية على أرض الواقع بكل ايجابياتها وأبعادها الحاضرة والمستقبلية وهذه من أول انجازات مهرجان الجنادرية فالصور التي يراها الزائر السعودي أو الضيف القادم لأرض المناسبة لابد أن يرى مثيلاتها وأصولها في حياة مجتمعنا ببساطته وشيمه وعراقته وأصالته في جميع مناطق ومدن وقرى المملكة كقصائدة شعر ترددها حناجر الشعراء وتهتف بها صفوف فرقة اللاعبين في عرضتنا السعودية على مسامع المشاركين بطبول الفرح ولمعان بريق السُّيوف كرمز للشجاعة والرجولة وعربون الوفاء للوطن وقيادته الشامخة برعايتها هذه المناسبات الوطنية فالتهنئة الصادقة للجنة المنظمة التي استطاعت أن تقود مسيرة هذه الاحتفالية الكبيرة خلال ربع قرن قفزت بها وطافت بها محلقة بكل مكوناتها التاريخية والمعرفية.