أليس من الغريب أن تبدع الأنثى خارج محيط الوطن وهي محاطة بكل المغريات التي لم تجدها في بيئتها وتحت رقابة العادات والتقاليد في مجتمع يتعامل مع القوارير بلغة الحجارة بل أشد قسوة؟ عندما خرجن من هذا البلد لم يكن خروجهن محاولة للهرب أو الانسلاخ من تطويق الأمر والنهي وافعلن ولا تفعلن، بل كان خروجا من أجل إثبات الذات وتغير النظرة الدونية التي توارثناها عبر عصور الوأد. ولو سلطنا المجهر على شخصية اقترنت بنون النسوة كحياة سندي لوجدناها نتاج لهذه البيئة المكبلة بالعادات والتقاليد التي تدعو للإحباط، ولكنها سطرت في بلد الحريات والانفتاح أبهى صور المرأة المسلمة المتقنة لواجباتها فأبدعت بلا حدود مع وجود الرقيب الداخلي بعيدا عن التسلط والقمع، بذلك حافظت العالمة حياة سندي على العادات الإسلامية والتقاليد المحمدية فاستحقت التكريم. وبنفس المجهر دعونا نكبر صورة المبدعة الأخرى غادة المطيري التي ترأست مركز أبحاث في ولاية كاليفورنيا ونالت جوائز عالمية في مجال البحث العلمي والاختراع.. أليست هي أيضا نتاج مجتمع يجعل من نون النسوة ينهار بهدوء وسكينة بحجة الوصاية والخوف عليهن ؟ والأمثلة لا حصر لها.. وخولة الكريع لن تكون آخرهن فما هو إلا سبيل زالت بعض العقبات من أمامه وقريبا ستزول البقية ليخرج علينا الوجه المشرق لنون النسوة الذي ظل ساكنا أمدا طويلاً تحت وطأة العقول الصدئة، وظلام الجهل الغابر. المرأة أيها المتحذلقون هي من شيدت المجتمعات عبر العصور عندما كان الرجل منشغل بقضايا الحرب والتجارة ولم تك لتهتم بالصيت وفضلت العيش في الظل مضحية من أجل ما تراه أنه واجب عليها. وهاهي اليوم ترمي بذلك الجلباب المهترىء لترتدي رداء العلم والمعرفة، ولتقدم للعالم أنموذجا حيا للمرأة المسلمة التي تعارك كل المغريات من أجل الثبات على تحقيق أهدافها. الإنصاف الذي جاء بلغة غير لغتنا أزال الشك المحيط بالمرأة السعودية وإمكانياتها الهائلة وأنها خير شريك للرجل في البناء.. فلن يكون الغرب أقدر منا على نفض غبار التسلط المجتمعي الذي ظل طويلاً وهو يكبل روح النصف الآخر ويحرمها من قول ها نحن ذا... المعيب في الأمر أننا نحتفل بتعب غربتهن ونشرب عرقهن نخباً وكأننا أصحاب فضل يحق لنا تقاسم الإبداع معهن.. فأي وجوه هذه التي تقنعنا بها؟ لمحة عابرة : متى ما كان هناك عزم، كان هناك سبيل. [email protected]