نحمد الله على أن منّ على الجميع بعودة الوالد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز- ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام - حفظه الله - بعد رحلته العلاجية ، والتهنئة للجميع وليست لسموه خاصة ، فسموه "سلطان القلوب" الذي نزل في سويداء الأفئدة ، ولذا فإننا بعد حمد الله نهنئ أنفسنا بهذا العود الحميد ، وبنا من السعادة والفرح الشيء الكثير . وإذا كانت علامات الفرح قد ارتسمت على محيا الجميع، وظهرت على وجوههم ، فإنها منبعثة قبل ذلك من الفؤاد ، ولا أقول : إن هذا الفرح يجسد مشاعر المحبة ، بل هو أعمق من ذلك ، فسلطان بن عبدالعزيز ، وأخوه خادم الحرمين الشريفين - حفظهما الله - هما كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد ، وهذا الأمر يدخل في باب التلاحم والترابط . وسلطان بن عبدالعزيز رجل قيادي ، أكد ذلك المنجزات والأعمال التي تسنمها ، والمشروعات التي أشرف عليها ورعاها كفكرة ، ثم تحولت إلى حقيقة وواقع ملموس يجني ثماره الوطن ، ويعززه شهادات الذين تشرفوا بالعمل تحت توجيهات سموه ، ومن ذلك ما قاله أحد المسؤولين عن سموه بأنه مدرسة في القيادة ، وشخصية إدارية متميزة ، تمتلك صفة الحزم ، والقدرة على حسم الأمور ، مع شمولية النظرة لأي قضية تطرح عليه ، فهو يملك كنزاً كبيراً من الخبرات ، وهو رجل يعمل بلا كلل في خدمة الدين والوطن والمواطن ، وهو يتمتع بابتسامة وضيئة في كل أعماله ، ويواجه الشدائد بهذه الابتسامة ، وحباه الله - عزوجل - حل المشكلات بهذا الهدوء الذي يتمتع به . وإذا كان سلطان بن عبدالعزيز أحد رجالات الدولة والبناء والنهضة في بلادنا ، بمشاركته في القرار كمسؤول، فإنه مسؤولياته المباشرة عن بعض المشروعات تؤكد بعد نظر سموه ، ورؤيته الاستشراقية للمستقبل ، بتبنى سموه لمجموعة من البرامج الاستراتيجية التي سوف تنعكس على الوطن بالخير - بإذن الله - ، ومن ذلك سعيه لتوطين التكنولوجيا عبر شركة السلام للطائرات ، والمشروع الجبار لصيانة الطائرات ، وهو المشروع الذي يدار بأيد سعودية مدربة تدريباً عالياً ، وجعل من هذا المشروع مقصداً للعديد من شركات الطيران لصيانة طائراتها ، وكذلك برنامج التوازن الاقتصادي ، والبرنامج السعودي للخزن الاستراتيجي .. وإذا كانت أيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز البانية كرجل من رجالات الدولة ، فهي أيضاً أيدي حانية راعية للخير ، ولم يأل سموه جهداً في البذل والعطاء للفقراء ، والمحتاجين، والمرضى ، والمعوزين ، حينما رعى الأيتام والأرامل ، ودعم مشاريع التعليم والصحة والأوقاف في داخل المملكة وخارجها ، ولو لم يكن هناك سوى مشروع مدينة الأمير سلطان الطبية الإنساني لكفى ، ولكن هذا المشروع الطبي الخيري العظيم ليس هو أول المشروعات ، وليس هو آخرها ، وإنما هو واسطة العقد لمشاريع سابقة ولاحقة بإذن الله ، فقد أسس سموه هذا الصرح الطبي العظيم ليلبي احتياجات بعض المرضى من يتطلبون رعاية طبية خاصة ، إلى جانب تبني سموه ودعمه للعديد من الجامعات والكليات الأهلية ، ودعمها وإقامته للمراكز البحثية والعلمية ، وفي الجوانب الثقافية كان مشروع الموسوعة العربية العالمية التي تفضل سموه مشكوراً ، وكعادته في مشروعات الخير ، بتبني وتمويل هذه الموسوعة ، فسدت نقصاً كبيراً كان العالم العربي الإسلامي بحاجة إليه ، ثم أتبع ذلك بموسوعتين آخريين هما : الموسوعة التاريخية للملك عبدالعزيز آل سعود في الوثائق الأجنبية ، والأخرى عن الثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية . ولقد كان سموه دائماً وأبداً الرائد للمشاريع الخيرية ، فاستحق العديد من الجوائز العالمية والإقليمية المتميزة في العمل الخيري والإنساني ، وقبل ذلك كله رضا الله ، ثم رضى الخلق . لقد تبنى سموه العديد من المشاريع الخيرية العامة ، من إسكان وبناء وصحة وتعليم وثقافة ، وبناء للمساجد والمراكز الإسلامية، وكراسي الدراسات الإسلامية، إلى جانب البذل الشخصي للنواحي الفردية، فكم سد من حاجة لمعتاز ، وأعتق رقاباً وأنقذها من القصاص ، وبلسم جراحات المرضى والمصابين بتبني علاجهم ، وكفل الأيتام ، وأغاث الملهوف ، وأطعم الجائعين ، وهذا وصف المؤمنين بالله الصادقين . نعم هذا هو سلطان بن عبدالعزيز ، مهما حاولنا أن نذكر ولو بصورة موجزة عن منجزاته وأعماله وأياديه الحانية البانية، فلن نستطيع، ولكنها إلمامات لما استوجب به سموه امتلاك قلوب الناس ومجتمعهم لسموه ، والدعوات المتواصلة له من الجميع بأن يبقيه الله دائماً وأبداً ذخراً لجميع المسلمين في أقطار العالم وسنداً للضعيف والمحتاج، ورجلاً مخلصاً لدينه ووطنه ، فهنيئاً لنا بعودة سلطان ، وحمداً لله على سلامته .