لم يكن عمرو أديب في برنامجه التلفزيوني "القاهرة اليوم" عشية هزيمة المنتخب المصري على يد منتخب أميركا في لياقته المعتادة، وهو يطلق في وجه لاعبي منتخب بلاده أقذع الشتائم والسباب، ممتطيا صهوة خبر مغلوط نشرته بعض صحف جنوب أفريقيا ليتحدث بهجومية يقينية لا تليق بإعلامي يعرف أنه يظهر في تلك اللحظات على شاشة تطل على الكثير من البيوت، ويشاهدها الكثير من الأطفال والمراهقات والأسر، وكان عليه مسؤولية تقييم الخبر، واختبار مصداقيته قبل الاتكاء عليه في ممارسة ذلك القدر من الهجوم، أو إبداء ذلك المستوى من الانفعال، الأمر الذي لا يستحقه المنتخب المصري من جمهوره ومشجعيه، فرغم هزيمته غير المتوقعة من أمريكا إلا أن من الإنصاف أن نتذكر له مقارعة البرازيليين ملوك الكرة، وكذلك انتصاره على الإيطاليين أبطال العالم، والذي يعرف طبيعة الكرة يدرك أنها لا تسير على المسطرة، وأن لها تقلباتها، وغرابة أحوالها. ورب ضارة نافعة، فغلو عمرو أديب في الهجوم على منتخب بلاده أوجد على الضفة الأخرى متعاطفين كثيرين من مختلف الشرائح الفنية والثقافية والإعلامية، الذين نظروا بشيء من التقدير للنصف الممتلئ من كوب منجز منتخبهم في كأس أبطال القارات. ولم يتوقع عمرو أديب أن ردة الفعل تجاه ما قاله ستكون شديدة، وعاصفة، وعنيفة من المدرب حسن شحاتة، ومن اللاعبين، وشرائح كبيرة من المنصفين لمنتخب بلادهم، ولم يستطع في مواجهة ردة الفعل أن يصمد أكثر من 24 ساعة ليقدم اعتذاره، معترفا بأنه استخدم عبارات لا يحب أن يسمعها أحد في منزله، وأنه أخطأ في حق لاعبي منتخب بلاده، وكنت أتوقع أن يقدم مثل هذا الاعتذار. موقف عمرو أديب درس ينبغي أن يتعلمه النقاد والمعلقون، فالحديث عن اللاعبين له ضوابطه، وأخلاقياته، وأدبياته التي لا ينبغي تجاوزها، وإلا حولنا حياة اللاعبين إلى عذاب لا يطاق، وهذا لا يتم إلا بترشيد الانفعالات، والتعامل مع النتائج في إطار المنظور الرياضي لكيلا نجعل من كرة القدم أكبر حجما من الكرة الأرضية، فأي منتخب في العالم خلا تاريخه من المفاجآت والنتائج غير السارة بما فيها منتخبات البرازيل والأرجنتين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا. إن الذي يتعامل مع الكرة على أنها فوز دائم شخص لا يعرف طبيعة الكرة، ومن مصلحته أن يبحث عن اهتمامات أخرى تجلب له السعادة بعيدا عن الكرة وملاعبها وتقلباتها.